مع اشتداد أزمة فرص العمل، منظمة العمل الدولية تحذر من حصول تعافي غير أكيد وغير مكتمل لسوق العمل

يؤكد أحدث تحليل صادر عن منظمة العمل الدولية بشأن آثار كوفيد-19 على سوق العمل أن تأثيره على عالم العمل كان أشد من التوقعات الأولية، ويقدم ثلاثة سيناريوهات للنصف الثاني من عام 2020.

خبر | ٣٠ يونيو, ٢٠٢٠
Jennifer A. Patterson / ILO ©
جنيف (أخبار م. ع. د) - تقول منظمة العمل الدولية إن الخسارة في عدد ساعات العمل في العالم خلال النصف الأول من عام 2020 أسوأ بكثير من التقديرات السابقة، وتحذر بأن الانتعاش غير المؤكد نهائياً في النصف الثاني من العام لن يكون كافياً للعودة إلى أوضاع ما قبل الوباء حتى في أفضل السيناريوهات، مما يهدد باستمرار فقدان الوظائف على نطاق واسع.

فبحسب الإصدار الخامس من تقرير "مرصد منظمة العمل الدولية: كوفيد-19 وعالم العمل"، انخفضت ساعات العمل العالمية بنسبة 14 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2020، أي ما يعادل خسارة 400 مليون وظيفة بدوام كامل (على أساس أسبوع عمل مدته 48 ساعة). وهذا أعلى بكثير من تقديرات الإصدار السابق من المرصد (الصادر في 27 أيار/مايو)، البالغة 10.7 في المئة (أي 305 مليون وظيفة).

تظهر الأرقام الجديدة الوضع المتدهور في العديد من المناطق طوال الأسابيع الماضية، وخاصة في الاقتصادات النامية. وعلى صعيد المناطق، بلغت خسائر ساعات العمل في الربع الثاني كما يلي: أمريكا الشمالية والجنوبية (18.3 في المئة)، أوروبا وآسيا الوسطى (13.9 في المئة)، آسيا والمحيط الهادئ (13.5 في المئة)، الدول العربية (13.2 في المئة)، أفريقيا (12.1 في المئة).

ولا تزال الغالبية العظمى من عمال العالم (93 في المئة) تعيش في بلدان تطبق درجة من الإغلاق في مكان العمل، مع وجود أكبر القيود في أمريكا الشمالية والجنوبية.

النصف الثاني من عام 2020

يقدم الإصدار الجديد ثلاثة سيناريوهات للتعافي في النصف الثاني من عام 2020: سيناريو خط الأساس والسيناريو المتشائم والسيناريو المتفائل. ويؤكد أن النتائج في المدى البعيد ستتوقف على المسار المستقبلي للجائحة وعلى سياسات الحكومات.

يتوقع سيناريو خط الأساس - الذي يفترض حدوث انتعاش في النشاط الاقتصادي ينسجم مع التوقعات الحالية، ورفع القيود المفروضة على مكان العمل وتعافي الاستهلاك والاستثمار - انخفاض ساعات العمل بنسبة 4.9 في المئة (أي 140 مليون وظيفة بدوام كامل) عن الربع الرابع من عام 2019.

ويفترض السيناريو المتشائم حدوث موجة ثانية للوباء والعودة إلى القيود بطريقة ستؤخر التعافي لزمن طويل. وستكون النتيجة تراجع ساعات العمل بنسبة 11.9 في المئة (340 مليون وظيفة بدوام كامل).

أما السيناريو المتفائل فيفترض استئناف أنشطة العاملين بسرعة، مما يعزز الطلب الكلي ويزيد الوظائف بشكل كبير. وبحدوث هذا التعافي السريع جداً، تنخفض خسارة ساعات العمل في العالم إلى 1.2 في المئة (34 مليون وظيفة بدوام كامل).

الأثر على النساء

يبين المرصد أيضاً أن العاملات تضررن من الوباء أكثر من غيرهن، مما يعني خطر ضياع بعض التقدم المتواضع الذي تحقق في المساواة بين الجنسين في العقود الأخيرة، وتفاقم اللامساواة بين الجنسين في العمل.

ويعود تأثير كوفيد-19 الشديد على العاملات إلى ارتفاع نسبهن في بعض القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً من الأزمة، كالسكن والغذاء والمبيعات والتصنيع. فعلى الصعيد العالمي، يعمل قرابة 510 مليون امرأة (أو 40 في المئة من جميع العاملات) في القطاعات الأربعة الأكثر تضرراً، مقابل 36.6 في المئة للرجال.

كما تهيمن النساء على العمل المنزلي وقطاعي الرعاية الصحية والعمل الاجتماعي، حيث يكنّ أكثر عرضة لفقدان الدخل والتعرض للعدوى، فضلاً عن تقل احتمالات حصولهن على الحماية الاجتماعية. كما أن التوزيع غير المتكافئ لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر الموجود أصلاً قبل الوباء، يتفاقم أثناء الأزمة بسبب إغلاق المدارس وخدمات الرعاية.

في الأسبوع المقبل، ستعقد منظمة العمل الدولية قمة عالمية افتراضية رفيعة المستوى بشأن كوفيد-19 وعالم العمل. آمل أن تغتنم الحكومات والعمال وأصحاب العمل هذه الفرصة لتقديم أفكار مبتكرة والاستماع إليها ومناقشة الدروس المستفادة والخروج بخطط ملموسة للعمل معاً لتحقيق تعافي غني بالوظائف وتشاركي ومنصف ومستدام. علينا جميعا أن نواجه التحدي المتمثل في بناء مستقبل أفضل للعمل."

غاي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية

التحديات الرئيسية في المستقبل

في الوقت الذي تطبق البلدان فيه سياسات غير مسبوقة من حيث السرعة والاتساع، يسلط المرصد الضوء على بعض التحديات الرئيسية المقبلة:

• إيجاد التوازن والتسلسل الصحيحين للتدخلات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياساتية لتحقيق أفضل النتائج المستدامة في سوق العمل.
• تنفيذ واستدامة السياسات ضمن النطاق الضروري عندما تكون الموارد قليلة ومرشحة للتناقص باستمرار.
• حماية وتعزيز أوضاع الفئات الضعيفة والمحرومة والمتضررة بشدة لجعل أسواق العمل أكثر عدالة وإنصافا.
• تأمين التضامن والدعم الدوليين وخاصة للدول الناشئة والنامية.
• تعزيز الحوار الاجتماعي واحترام الحقوق.

يقول غاي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية: "إن أثر القرارات التي نتخذها اليوم سيتواصل لسنوات مقبلة وحتى بعد عام 2030. ورغم أن البلدان تمر بمراحل مختلفة من الجائحة وتم عمل الكثير، فإننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة إلى وضع أفضل مما كنا عليه عندما بدأت".

ويضيف: "في الأسبوع المقبل، ستعقد منظمة العمل الدولية قمة عالمية افتراضية رفيعة المستوى بشأن كوفيد-19 وعالم العمل. آمل أن تغتنم الحكومات والعمال وأصحاب العمل هذه الفرصة لتقديم أفكار مبتكرة والاستماع إليها ومناقشة الدروس المستفادة والخروج بخطط ملموسة للعمل معاً لتحقيق تعافي غني بالوظائف وتشاركي ومنصف ومستدام. علينا جميعا أن نواجه التحدي المتمثل في بناء مستقبل أفضل للعمل".

لطلب إجراء مقابلات، يرجى التواصل مع: newsroom@ilo.org