منظمة العمل الدولية وسوريا توقعان مذكرة تفاهم لمعالجة التفشي الكبير لظاهرة عمل الأطفال
أبرمت منظمة العمل الدولية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية مذكرة تفاهم ترسي أسس مشروع جديد يهدف إلى الحد من أسوأ أشكال عمل الأطفال في صفوف الأطفال المتضررين من الأزمة.
جنيف (أخبار م.ع.د) – أبرمت منظمة العمل الدولية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية مذكرة تفاهم لإطلاق مشروع جديد يتصدى لتفشي ظاهرة عمل الأطفال في سوريا.
ويشهد المشروع عمل منظمة العمل الدولية والوزارة والأمم المتحدة والشركاء الوطنيين معاً في سبيل الحد من أسوأ أشكال عمل الأطفال في صفوف الأطفال المتضررين جراء الأزمة في سوريا. وقد وقعت ربا جرادات المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية ومعالي السيدة ريما القادري وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا مذكرة التفاهم في 29 أيار/مايو على هامش أعمال الدورة 107 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.
ارتفاع حاد في أسوأ أشكال عمل الأطفال
جاءت الزيادة الحادة في عمل الأطفال بسوريا عقب اندلاع الصراع عام 2011. فكثير من الأسر التي فقدت سبل معيشتها بسبب النزاع ترسل أطفالها إلى العمل لتأمين دخل وطعام، وتعوض عن ضياع فرص تعليمهم.
ويشارك كثير من هؤلاء الأطفال في أنواع من العمل تصنفها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 على أنها أسوأ أشكال عمل الأطفال، ومنها تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل جماعات وقوات مسلحة، والزواج القسري أو المبكر، والتسول، والعمل في بيئات سيئة.
وشددت وزيرة الشؤون الاجتماعية على أهمية البرنامج في مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال مثل التسول وهي ظاهرة لم تكن مألوفة بهذه الكثافة على مشهد الشارع السوري سابقا، وانخراط الأطفال في الأعمال المسلحة.
وقالت ربا جرادات المدير الإقليمي في منظمة العمل الدولية أنه على الرغم من عدم توفر بيانات دقيقة، تشير الأدلة المتناقَلة إلى أن عشرات آلاف الأطفال في سوريا يعملون في أشكال غير مقبولة من العمل بما يخالف اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182. وتابعت أن هذا المشروع الجديد يمثل بداية منهجيةٍ نظامية وعملية لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة وإعادة إحياء آمال جيل كامل من الأطفال.
يعمل المشروع على سحب وتأهيل الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال، ويمنع الأطفال المعرضين للخطر من الانخراط فيها، كما يعزز القدرات الوطنية والمحلية على التصدي لعمل الأطفال. وهو يوفر فرص التدريب المهني للشباب ولآباء الأطفال العاملين كنقطة خروج من عمل الأطفال. ويشهد المشروع أيضاً إعادة تفعيل الحكومة للجنة التوجيهية الوطنية المعنية بالقضاء على عمل الأطفال.
ويتَّبع المشروع الجديد منهجية عملية ببدء تنفيذ الأنشطة في عدد محدود من المواقع الجغرافية هي دمشق وحمص حالياً. ويُذكر أن منظمة العمل الدولية خصصت موازنة أولية قدرها 950 ألف دولار للمرحلة الأولى من المشروع والتي تنتهي في آب/أغسطس 2019.
نزوح جماعي وانتشار الفقر
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فر أكثر من نصف سكان البلاد من منازلهم، حيث لجأ 4.8 مليون شخص إلى المنطقة وخارجها ونزح 6.3 مليون شخص داخلياً. ويحتاج زهاء 13.5 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة. كما سقط الملايين في براثن الفقر. وتشير التقديرات إلى أن 7 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
ورداً على تفشي ظاهرة عمل الأطفال في سوريا، حاولت الحكومة وعدد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية معالجتها بالاستفادة بشكل أساسي من المشاريع القائمة في مجال حماية الطفل. وتماشياً مع مصادقة سوريا على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182، وضعت الحكومة أيضا مسودة خطة عمل وطنية لمعالجة هذه الظاهرة باتباع منهجية متعدد الجوانب. وفي إطار جهود متضافرة، شرع أصحاب المصلحة على أرض الواقع في التصدي لعمل الأطفال في بعض المناطق على نطاق محدود.
وتشدد منظمة العمل الدولية على ضرورة وجود خبرة فنية محددة لوضع حلول شاملة ومستدامة لهذه الظاهرة ليس فقط بالاستناد إلى ما حققته الاستجابات الإنسانية، بل وأيضاً من خلال مشاريع إضافية تربط عمل الأطفال بسبل العيش والتعليم وتفتيش العمل وحماية الطفل.
وقال لارس جوهانسن رئيس وحدة البرمجة الإقليمية في منظمة العمل الدولية إن هذه القضية وصلت إلى نقطة لم تعد فيها المشاريع المرتجلة والإفرادية فعالة. وأردف: "ثمة حاجة كبيرة إلى خطة شاملة للتصدي لعمل الأطفال في البلاد. ولدى منظمة العمل الدولية خبرة كبيرة في هذا المجال من خلال عملها في ظل الصراعات والأزمات في مناطق أخرى من العالم. ويمكن لمنظمة العمل الدولية بالاشتراك مع وكالات الأمم المتحدة التي لديها برامج راسخة في سوريا أن تحدث فارقاً كبيراً لآلاف الأطفال الذين تُنتهك حقوقهم الأساسية المتعلقة بالعمل".
وتحذر منظمة العمل الدولية من أن عدم التصدي لعمل الأطفال أثناء النزاع بالإضافة إلى الإخطار المباشرة المحيقة بحياة وصحة الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال يمكن أن تخلق جيلاً كاملاً من الأطفال الذين يفتقرون إلى الكفاءات الأساسية والمهارات الضرورية لتأمين سبل العيش والعمل اللائق في سوريا بعد انتهاء الصراع، ما يشكل تحدياً خطيراً لانتعاش البلاد وتماسكها الاجتماعي.
المشاريع السابقة لمنظمة العمل الدولية
يأتي المشروع الجديد عقب سلسلة من أربع ورشات عمل عقدتها منظمة العمل الدولية واليونيسيف في سوريا في الأشهر الأخيرة لتطوير القدرات الأساسية للجهات الفاعلة في مجال العمل والتعليم وحماية الطفل وتوعيتها.
وكانت منظمة العمل الدولية قد نفذت في عامي 2010 و2011 "البرنامج الوطني للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال" في سوريا. وتضمّن البرنامج تنمية قدرات الحكومة وأصحاب العمل والنقابات العمالية فضلاً عن المنظمات غير الحكومية كي تغدو شريكة فاعلة في الجهود الرامية إلى القضاء على عمل الأطفال. ومعظم المنظمات غير الحكومية التي استفادت من التدريب في عام 2011 ما زالت تعمل وتطور أنشطتها للتصدي لعمل الأطفال. ويستفيد المشروع الجديد من معرفة هذه المنظمات ويواصل تطوير قدراتها على المشاركة فيه.