بطالة الشباب في العالم إلى ارتفاعٍ مجدداً، ولا تزال الأعلى في البلدان العربية

تُظهر دراسات منظمة العمل الدولية المستمرة أنه بعد سنواتٍ عدة من التحسن، يُتوقع أن ترتفع معدلات بطالة الشباب عام 2016 وأن تغدو نسبة الشباب في صفوف العمال الفقراء هي الأكبر. وعلى الرغم من عدم توقع ارتفاع بطالة الشباب في العالم العربي هذه السنة، فإن معدلها سيبقى الأعلى في العالم، مع بقاء فجوات كبيرة بين الجنسين ومعدلات عالية من العمال الفقراء.

بيان صحفي | ٢٥ أغسطس, ٢٠١٦
جنيف (أخبار م.ع.د) - تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن نسبة بطالة الشباب في العالم ستصل إلى 13.1 في المائة عام 2016 وستبقى عند هذا المستوى في عام 2017 (بعد أن كانت 12.9 في المائة عام 2015).

ويبين تقرير منظمة العمل الدولية "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم 2016: اتجاهات الشباب" بأنه نتيجةً لذلك يُتوقع أن يرتفع عدد الشباب العاطل عن العمل في العالم بمقدار نصف مليون شابٍ هذا العام ليبلغ 71 مليون عاطلٍ عن العمل، وهو أول ارتفاع يُسجل منذ 3 سنوات.

وثمة مصدر قلقٍ أكبر هو نسبة وعدد الشباب (غالباً في الدول الناشئة والنامية) الذين يعيشون في فقرٍ مدقع أو معتدل رغم أنهم يعملون. والواقع أن 156 مليون شابٍ أي ما يعادل 37.7 في المائة من العمال الشباب يعيشون في فقرٍ مدقع أو معتدل (مقارنةً مع 26 في المائة من العمال البالغين).

قالت ديبورا غرينفيلد المديرة العامة المساعدة للسياسات في منظمة العمل الدولية: "يُظهر الارتفاع الخطير في معدل بطالة الشباب والمستويات العالية التي لا تقل عنها خطورةً من الشباب الذين لا يزالون يعيشون في فقرٍ رغم أنهم يعملون مدى صعوبة تحقيق الهدف العالمي المتمثل في القضاء على الفقر بحلول عام 2030 ما لم نضاعف جهودنا لتحقيق نموٍ اقتصادي مستدام وتوفير فرص عملٍ لائقة. وتسلط هذه الدراسة الضوء على التفاوت الكبير بين الشابات والشبان في سوق العمل والذي ينبغي للدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية والشركاء الاجتماعيين معالجته بسرعة".

فرصٌ غير متكافئة

ثمة فروقٌ كبيرة بين الشبان والشابات في معظم مؤشرات سوق العمل، ما يزيد ويخلق فجواتٍ أكبر أثناء الانتقال إلى سن الرشد. فعلى سبيل المثال، يبلغ معدل مشاركة الشبان في القوى العاملة 53.9 في المائة في عام 2016 مقارنةً بـ 37.3 في المائة للشابات، ما يمثل فجوةً قدرها 16.6 نقطة مئوية.

والوضع خطيرٌ لاسيما في جنوب آسيا والدول العربية وشمال أفريقيا حيث تتدنى معدلات مشاركة الشابات بمقدار 32.9 و 32.3 و 30.2 نقطة مئوية على التوالي عن معدلات مشاركة الشبان في عام 2016.
تعود زيادة البطالة إلى تباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة

تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي العالمي عام 2016 بلغ 3.2 في المائة، أي أدنى بمقدار 0.4 نقطة مئوية عما كان متوقعاً أواخر 2015.

وقال ستيفن توبين كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة العمل الدولية والمؤلف الرئيسي للتقرير: "إن السبب الرئيسي لذلك هو حدوث ركودٍ أكبر مما كان متوقعاً في بعض الاقتصادات الرئيسية الناشئة المصدِّرة للسلع فضلاً عن جمود النمو في بعض الدول المتقدمة. وارتفاع معدلات بطالة الشباب كبيرٌ على نحوٍ خاص في الاقتصادات الناشئة".

ويُتوقع ارتفاع معدلات البطالة في الاقتصادات الناشئة من 13.3 في المائة عام 2015 (أي ما يعادل 52.9 مليون عاطلٍ عن العمل) إلى 13.7 في المائة عام 2017 (53.5 مليون). كما يُتوقع بين عامي 2015 و2017 ارتفاع معدل البطالة من 15.7 إلى 17.1 في المائة في أمريكا اللاتينية والكاريبي، ومن 16.6 إلى 17.5 في المائة في وسط وغرب آسيا، ومن 12.4 إلى 13.6 في المائة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.

بطالة الشباب في البلدان العربية

ستبقى معدلات بطالة الشباب في البلدان العربية في الخليج والشرق الأوسط (باستثناء شمال أفريقيا) هي الأعلى في العالم وتصل إلى 30.6 بالمائة في عام 2016 (رغم توقع تحسنها بشكل طفيف إلى 29.7 في المائة في عام 2017). ويُتوقع أن تشهد الدول المصدرة للنفط ارتفاعًا في معدل بطالة الشباب في عام 2016، لسبب رئيسي هو تباطؤ النمو وتشدّد السياسات المالية. وستواصل التوترات الجيوسياسية تأثيرها الكبير على آفاق بطالة الشباب في بلدان أخرى من المنطقة.

العمال الفقراء

لا يزال الشباب يشكلون أكبر مجموعةٍ رديئة الوظائف، وإن كان هنالك فوارق كبيرة بين المناطق. فعلى سبيل المثال، تواصل البلدان الأفريقية جنوب الصحراء تسجيل أعلى معدلات العمال الشباب الفقراء في العالم، إذ تبلغ زهاء 70 في المائة. كما ترتفع هذه النسبة في الدول العربية (39 في المائة) وجنوب آسيا (49 في المائة).

وثمة أدلةٌ متزايدة في الاقتصادات المتقدمة على حدوث انزياحٍ في توزع الفقراء بحسب العمر، إذ يحتل الشباب الآن مكان كبار السن بوصفهم أكبر مجموعةٍ معرضة للفقر (والذي تُعرِّفه الاقتصادات المتقدمة بأنه جني أدنى من 60 في المائة من الدخل الوسطي). ففي عام 2014 مثلاً، كانت نسبة العمال الشباب المعرضين بشكلٍ كبير للفقر في دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 (12.9) في المائة مقارنةً مع 9.6 في المائة من العمال البالغين (25-54 عاماً). والوضع خطيرٌ بشكلٍ خاص في بعض الدول حيث تتجاوز نسبة العمال الشباب المعرضين لخطر الفقر 20 في المائة.

الهجرة عن طيب خاطر

من بين العوامل الكثيرة الباعثة على الهجرة (كالصراع المسلح، والكوارث الطبيعية، الخ)، يُعتبر ارتفاع معدل البطالة وزيادة خطر التعرض للفقر رغم العمل ونقص فرص العمل الجيدة عوامل رئيسية تدفع الشباب نحو الهجرة الدائمة خارج البلاد.

وعالمياً، بلغت نسبة الشباب بعمر 15-29 عاماً المستعدين للهجرة بصفةٍ دائمة إلى دولةٍ أخرى 20 في المائة عام 2015. وأكبر نسبة هي 38 في المائة في منطقتي البلدان الأفريقية جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية والكاريبي، تلتهما مباشرةً أوروبا الشرقية بنسبة 37 في المائة. ولا تزال نسبة الشباب الراغبين بالهجرة مرتفعة وتبلغ 35 بالمائة في شمال أفريقيا، وكذلك في الدول العربية التي ارتفعت فيها هذه النسبة من 21 بالمائة عام 2009 إلى 28 بالمائة عام 2015.