ILO Home
International Labour Organization
البرنامج المكثف حول الحوار الاجتماعي وقانون العمل وإدارة العمل - الحوار الاجتماعي

الفصل التاسع
عملية الصياغة

أغراض التشريع المقترح والخطة التشريعية

الأغراض

تقوم الهيئة التشريعية بتمرير التشريع بغرض واحد أو اكثر. حيث يجب أن تبدأ عملية الصياغة التشريعية بتبيان واضح لماهية هذه الأغراض مما يساعد على توحيد الجمهور الأولي للتشريع المقترح وهم: المشرع، الجمهور الأساسي، العمال وأصحاب العمل الذين سيخاطبهم (التشريع، وكذلك الهيئات الإدارية والقضائية المسؤولة عن ضمان تفسير وتطبيق التشريع الذي يتم تبنيه. وبتبيان غرض (أغراض) التشريع، كما هو يعرب عنه المشرع في صياغة القانون، فبوسع الصائغ أن يسهل مهمة هؤلاء الأشخاص وتلك الهيئات.

وهؤلاء المسؤولون عن تفسير التشريع وضمان احترامه، عندما تواجههم مشكلة التفسير، فانهم سيقومون بذلك في ضوء الغرض الذي ينشأ أو يتدفق خلال النص أو سياق التشريع الذي سيسعون في النهاية إلى تحديده بالنظر إلى الرأي الجماعي لهيئة التشريع، ففي بعض التقاليد، قد ينظر المفسرون أيضا في الوثائق الإعدادية والنقاشات أو المناظرات التي دارت في هيئة التشريع، ويتم البدء بهذا الاستعلام لتحديد الغرض (الأغراض) الجماعي لهيئة التشريع، بحيث يكون مستقلا عن وجهات النظر الفردية المعرب عنها. وبهذا الخصوص، من المهم التمييز بين الهدف (الأهداف) أو الغاية (الغايات) أو الدافع (الدوافع) أو السياسات والمبادئ التي تقف وراء سن التشريع المقترح:

[أعلى الصفحة]

الخطة التشريعية

في بعض التقاليد القانونية يتم إدراج غرض وهدف التشريع في الاقتراح أو الخطة التشريعية التي يتم إعدادها من بداية المرحلة الرسمية للعملية التشريعية. ويضع هذا الاقتراح أو الخطة الأساس المنطقي للاقتراح وملخصا للنصوص الأساسية المتصورة. وبشكل عام يتم تقديم الاقتراح أو الخطة التحضيرية إلى الجهة التنفيذية للموافقة عليها. وبمجرد الموافقة على الخطة يتم إرسالها إلى أولئك المسؤولين عن إعداد مسودة التشريع الأولية.

أن عملية الوصول إلى خطة ومن ثم إلى مسودة تشريع في مجال قانون العمل قد تكون اكثر تعقيدا، مع التسليم بنطاق الشركاء المعنيين والمصلحة العامة في المادة. والجزء القادم من هذا الفصل يعالج الطرق التي تسعى فيها الأنظمة القانونية المتنوعة إلى إشراك الشركاء الاجتماعيين في عملية الصياغة. ويبين الجزء بشكل اكبر الأسلوب القائم على المشاركة والذي تشجعه م.ع.د لدى توفيرها الخدمات الاستشارية من اجل إصلاح قانون العمل.

[أعلى الصفحة]

إشراك م ع د في عملية الصياغة التشريعية: خطة مشروع م ع د و/أو المهام

يجب أن تبدأ العملية التي تشمل معونة م ع د بتبيان واضح للأغراض والأهداف التشريعية. حيث تتم مناقشة هذا الأمر، بشكل عام، مع الحكومة التي تطلب معونة م ع د وتكرس بالضرورة الأهداف التي ترغب الحكومة بتحقيقها، والتي يجب أن تتماشى مع المعايير والمبادئ الأساسية لـ م ع د كما يجب عليها أن تدمج المبادئ التي تقود مشاركة م ع د في إصلاح قانون العمل، وعلى وجه الخصوص المبادئ والحقوق الأساسية في العمل وكذلك معايير العمل الدولية (بقدر ما هي ذات صلة بموضوع البحث الذي تتم معالجته)، ويجب أن تعكس التزام م ع د بالثلاثية وعملية الحوار الاجتماعي بالإضافة إلى قيم أو معايير ضمنية معينة التي يتمعنها المشاركين المحليون لتعزيز تقليدهم القانوني.

وفي حالة معونة التعاون الفني الممول خارجيا، فان وثيقة مشروع م ع د عادة ما توفر فرصة مبكرة لتحديد الأغراض والأهداف وان تدرج مبادئ م ع د كما تمكن وثيقة المشروع الأطراف، المكونة على الأقل من موظفي الوزارة، وغالبا عندما يكون فريق العمل مشكلا مسبقا، ومن الشركاء الاجتماعيين لمناقشة مبادئ واهداف الإصلاح وللتوصل إلى اتفاق حول العملية قبل الشروع بها. وبتبيان المهام المبلورة لتعاون فني تموله م ع د فان المبادرة يجب أن تخدم غرضا مشابها. وبالطبع لا يمكن تحديد كامل العملية بشكل مسبق. وعلى امتداد مسار الإصلاح، وفيما يتم عقد المشاورات مع الأطراف المعنية و/أو إذا طرأت تغييرات اقتصادية أو سياسية رئيسة فقد يصبح من الضروري إعادة النظر في بعض بنود المرجعية الأولية.

[أعلى الصفحة]

إشراك منظمات أصحاب العمل والعمال والأطراف المهتمة الأخرى

في معظم الأنظمة القانونية فان الفرع التنفيذي للحكومة تضطلع بمسؤولية صياغة واقتراح التشريع بينما تضطلع الهيئة التشريعية بمسؤولية تبنيه. ومع ذلك في مجال القانون الاجتماعي عموما، وقانون العمل على وجه الخصوص يمكن للمشاركين (الفئات التي لها مساندة مهمة على وجه الخصوص في محتوى التشريع، في هذه الحالة منظمات أصحاب العمل والعمال) على مستوى عال وبشكل خاص من الانخراط في عملية إصلاح قانون العمل. حيث يكون هذا الانخراط أحيانا من خلال هيئات ثلاثية دائمة، وفي بعض الحالات من خلال هيئات يتم إنشاؤها بشكل محدد للغرض أو من خلال مزيد من الترتيبات غير الرسمية.

[أعلى الصفحة]

الترتيبات الرسمية

        في كولومبيا ، يتمتع مجلس العمل المركزي بالسلطة لارشاد الحكومة بشأن مسودة تشريع العمل ولمراقبة التغييرات التي تطرأ على التشريع القائم . 2
        في هنغاريا ، اعترف قانون العمل لعام 1992 بمجلس توفيق المصلحة الوطنية ( NICC ) والذي يضم الشركاء الاجتماعيين ووزارة العمل. وهو مسؤول عن ضمان التشاور حول علاقات العمل وقضايا التشغيل ذات الأهمية الوطنية، والمعروف بإصلاح قانون العمل. كما يمكن أن تكون قرارات المجلس الأساس للتوصيات المقدمة إلى وزارة العمل بشأن معدلات الأجور التي يمكن إعلانها كأشكال لتشريع ثانوي (أنظمة ) . 3
        في البرتغال ، يتم إقرار حق منظمات العمال في المشاركة في صياغة تشريع العمل في الدستور ، 4 ويتم تنظيمه بشكل اكبر في القوانين المنفردة .5
       

في جنوب أفريقيا ، لقد تم إنشاء مجلس العمل والتنمية الاقتصادية الوطني ندلاك ( NEDLAC ) في عام 1995 والذي يعكس التزام حكومة ما بعد نظام الابارتهايد بالسعي إلى الإجماع التمثيلي حول السياسات التنموية والاجتماعية والاقتصادية الرئيسة وفي ضوء الاحتياجات الخاصة لجنوب أفريقيا، يتكون المجلس من الشركاء الاجتماعيين التقليديين إضافة إلى المنظمات التي تمثل مصالح المجتمع. وتتضمن أهدافه جميع تشريع العمل المقترح والمتعلق بسياسة سوق العمل قبل عرضها في البرلمان. وقد توصل إلى اتفاق حول مجموعة واسعة من لتشريع (قانون علاقات العمل، 1995 والتعديلات عليه، وقانون السلامة والصحة في المناجم، 1996 والتعديلات على قانون الإفلاس لدعم حماية العامل، وقانون الشروط الأساسية للتشغيل، 1997 وقانون المساواة في التشغيل، 1998). كما تبنى عددا من قوانين الممارسة الصالحة، بما في ذلك حول الفصل المستند إلى المتطلبات العملية Operational ومعالجة حالات التحرش الجنسي. كما أوصى المجلس بان تصادق الحكومة على عدد من اتفاقيات العمل الدولية .6


[أعلى الصفحة]

الترتيبات المؤقتة

قد تقوم (بلدان أخرى بتأسيس فرق عمل مؤقتة أو عقد مزيد من اللقاءات الثلاثية غير الرسمية لإتاحة مشاركة العامل وصاحب العمل في عمليات مراجعة قانون العمل التي تجري بمساعدة م ع د وفيما يتم أدناه مناقشة عملية معونة م ع د بتفصيل اكثر، يمكن أن يكون أحد الأمثلة الحديثة والبارزة لأسلوب فرق العمال موضع اهتمام:

        في إندونيسيا ، استجابة للأثر الاجتماعي للازمة المالية الآسيوية وانهيار النظام السلطوي لصالح إصلاحات سياسية ديمقراطية، تم تأسيس فريق عمل يتكون من الشركاء الثلاثة بالإضافة إلى شركاء آخرين معنيين . 7 ومن خلال عملية تشاوريه على نطاق واسع والتي شملت ورشات عمل تم عقدها من خلال دائرة القوى البشرية، فقد أكد خبراء م ع د على الملكية والسيطرة الوطنية لنتائج الإصلاح. وقام الأطراف الثلاثة والشركاء الآخرون المكونيين لفريق العمل بمراجعة وتنقيح قوانين العمل لغرض أن تكون مستجيبة لسوق عمل حديث وديمقراطي .8

[أعلى الصفحة]

ترتيبات إقليمية

في بعض الحالات، يمكن دعم المشاركة الثلاثية من خلال ترتيبات إقليمية والتي يمكن أن تتيح دراسة والتمعن في إصلاح قانون العمل. .
  
        في الكاريبي، قامت السوق المشتركة للبلدان الكاريبية CARICOM 9 بتوفير منتدى يجتمع فيه وزراء العمل من المناطق. حيث يشارك ممثلو أصحاب العمل والعمال في هذه الاجتماعات. بالمعونة الفنية لـ م ع د ثمة مبادرة خلاقة جارية لصياغة قوانين نموذجية في حقل العمل بشان مجالات الاهتمام المشتركة بالنسبة لمختلف الدول الأعضاء. وحتى الآن تم إعداد القوانين النموذجية بشأن إنهاء العمل، التسجيل، وضع النقابات ومنظمات أصحاب العمل والاعتراف بها، السلامة والصحة المهنية وبيئة العمل والمساواة في الفرص والمعاملة في التشغيل والمهنة. فيما يتم حاليا تنقيح مسودة قانون خامس يتعاطى مع حماية الموظفين خلال الإجراء الصناعي.
        في مجموعة التنمية الجنوب أفريقية ( SADC )، قامت الدول الأعضاء الأربع عشرة 10 بإنشاء قطاع عمل وتشغيل ثلاثي ( ELS ) والذي، من بين أهدافه العريضة الأخرى، يسعى إلى دعم وتشجيع صياغة وتوفيق سياسات وبرامج اجتماعية واقتصادية وقانونية، والى تنسيق وتوفيق شروط وظروف العمال المهاجرين وتوفيق قانون وممارسة تفتيش المصانع. وقد وفر SADC-ELS إطارا مؤسساتيا للتشاور حول نطاق قضايا العمل بما في ذلك بلورة قانون حول عدم التمييز بين الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز في مكان العمل وبلورة مسودة ميثاق حول الحقوق الأساسية للعمال، ومسودة قانون خاص بالاستخدام الآمن للمواد الكيماوية (الكيماويات).


[أعلى الصفحة]

دور م ع د في عملية إصلاح قانون العمل

لقد سعت المعونة الفنية لـ م ع د في حقل قانون العمل إلى زيادة إشراك الشركاء الاجتماعيين على امتداد عملية إصلاح قانون العمل. الأمر الذي يعكس مركزية مبادئ الحوار الاجتماعي والثلاثية بالنسبة لـ م ع د . 11 ومجاراته أيضا لروح اتفاقية التشاور الثلاثي، 1976 (رقم 144).

أن دور خبير قانون العمل الدولي غالبا ما يكون مهما لتعزيز عملية ثلاثية حقه. والذي لا يعتمد عليه من اجل معرفة قانون العمل المقارن السليم فحسب، وانما أيضا للقدرة القوية لتعزيز المشاركة وتلاحم الفئات. ويجب أن يتمتع خبير قانون العمل الدولي بالاستقلالية الكاملة عن كافة الاعبيين الثلاثيين في عملية الإصلاح.

وفي العادة يكون خبير قانون العمل الدولي مستشارا من م ع د، وبشكل نموذجي من الأكاديميين، ويكون في النهاية مسائلا أمام م ع د حول التوصيات الموضوعة. وأحيانا يكون خبير قانون العمل الدولي موظفا في م ع ج ومن دائرة المقار المسؤولة عن الهيئات المساعدة المضطلعة بتنقيح قانون العمل أو ممثلا عن تلك الوحدة الفنية في مكتب ميداني ما. أن وضع الخبير كمستشار من م ع د أو موظف فيها يمكن أن يوفر حجما معينا من حرية العمل إزاء الأطراف المنخرطين في عملية الإصلاح والذين قد يشعرون براحة اكبر حيث يطلبون رأي الخبير حول الاعتبارات السياساتية المتنافسة. وهذا الخبير الذي يتمتع بالدراسة حول مسائل قانون العمل الدولي والمقارن والمطلع على البلد الإقليم المعني يتم، بشكل كاف، إخراجه من الانخراط في السياق الوطني حتى يكون قادرا على توفير المشورة غير المتحيزة والمساعدة في تحقيق النتائج المقبولة إلى حد كبير إن لم تكن بشكل كامل بالنسبة لكافة الأطراف.

وعلى نحو مثالي، يتعين على خبير قانون العمل الدولي أن يجتمع مع الأطراف المعنية بشكل منفصل ومشترك في بداية عملية بلورة فهم لاهتماماتهم وإنشاء مناخ من الثقة. ويمكن تيسير مهمة الاجتماع بالأطراف بإنشاء فريق عمل ثلاثي (أو ثلاثي إضافة إلى شركاء معنيين آخرين) لاصلاح قانون لعمل إذا لم تتواجد مثل هذه الهيئة الملائمة مسبقا، والذي من المحتمل أن يشمل المشاركين المحددين أدناه (انظر الصندوق) ويتم تسهيل العملية إذا تم عقد اجتماعات منتظمة لحشد درجة من الزخم وتلاحم المجموعات ولضمان التشاور على امتداد العملية.

مشاركو فريق العمل المحتملون الرئيسيون (دائمون أو المؤقتون)

يجب أن يضم فريق العمل كحد أدنى:

  • ممثلين من وزارة العمل بما في ذلك:
    • ممثل رفيع المستوى
    • متخصصون في قانون العمل
    • مشاركة مؤقتة للمختصين في مسائل معينة
  • تمثيل متساو لمنظمات أصحاب العمل والعمال

كما يمكن أن يضم فريق العمل، حسب الحاجة:

  • ممثلين من مكتب المدعي العام
  • ممثل من الهيئة القضائية المستقلة القائمة، مثل هيئة إصلاح القانون أو مكتب محقق الشكاوي
  • ممثلين من منظمات المجتمع المدني التي تلعب دورا هاما في مسائل العمل (مع إعارة اهتمام مناسب لاستعداد الشركاء الاجتماعيين التقليديين لتعزيز هذه المشاركة) مثل:
    • الاتحادات أو المنظمات الدينية التي تمثل العمال المهمشين، مثل الاطفال، العمال المنزليين، المجموعات النسائية
    • فئات المستهلكين
    • الغرف التجارية، اتحادات الصناعيين المصدرة
    • اعضاء جمعية قانون محترمة متخصصة في قانون العمل
  • ممثلين من المجموعة الاكاديمية المتخصصة في قانون العمل أو في المجالات المكملة (مثلا قانون المشاريع)، والذي يتسم بالفائدة على وجه الخصوص، إذا كانت الخبرة مكملة لتلك التي يتمتع به الخبير الوطني.

مع ذلك يمكن انجاز ترتيب مختلف مع الحكومة والذي قد يتصور مثلا مسودة مبكرة بعدها بشكل أولي خبير ويتم مناقشتها مع الحكومة يجب أن يتبع ذلك تشاور معمق مع الأطراف الاجتماعيين (وأي مشاركين رئيسيين آخرين منخرطين في العملية) وتنقيح المسودة الأولية مع الأخذ بالاعتبار وجهات نظرهم. ويجب أن يلعب السياق الوطني دورا حاسما في تحديد طبيعة المشاورات، لكن يجب أن تجري مشاورة ثلاثية كاملة في كافة الحالات.

ويجب أن تساعد مشاركة ممثلي أصحاب العمل والعمال وأي مهتمين آخرين لهم علاقة في ضمان أن يأخذ التشريع المقترح بشكل كامل في الاعتبار واقع السياق الوطني وان يتم تكييفه بشكل جيد مع احتياجات وظروف البلد.

وبدرجات متفاوتة وبالاعتماد على المنطقة، فان إشراك الدوائر الفنية في مقار م ع د يمكن السعي لها على امتداد العملية. وستقوم م ع د، على وجه الخصوص، بتوفير التعليقات حول مسودة التشريع المعدة. بحيث تسعى هذه التعليقات بشكل مباشر إلى ضمان:

وهذه التعليقات يجب أن تدعم العملية الثلاثية بتوفير الفرصة لخبيرة م ع د وفريق العمل للالتقاء ولمراجعة المسودة الأولية في ضوء التغذية الراجعة من المقار.

وفي بعض المناسبات: قد تلعب م ع د دورا في العملية بعد إعداد مسودة التشريع والتعليق عليه وذلك بـ:

[أعلى الصفحة]

العلاقة بالقانون القائم

ان أي سن مستقبلي للتشريع يجب صياغته مع الأخذ بالاعتبار السياق القانوني القائم. ووضع سن التشريع المقترح في السياق القانوني القائم يعني بلورة نصوصه لكي تتماشى مع النصوص ذات الصلة للتشريع القائم. وحتى الآن فالقصد هنا ليس تغيير الأخير. ولكي نجعل من سن التشريع المقترح سنا متماشيا مع السياق الحقيقي الذي سيعمل بحيث ينطوي على تقدير لمدى قبوله أو تقبله للمصالح المتنوعة التي تتأثر به والإمكانية العملية لتطبيقه.

ويجب أن يكون قانون العمل، بشكل مثالي، مجموعة متجانسة من القواعد المترابطة (المبنية في التشريع والتي تبلورها السلطة القضائية) وذلك بالاستناد إلى عدد من الأفكار الرئيسة والمبادئ الأساسية التي على وجه المثال لا الحصر تتضمن التالي:

ولتحقيق هذا الأمر:

      ان التشريع المقترح يجب أن يتماشى مع الأفكار والمبادئ الأساسية التي يتم بناء قانون العمل في البلد عليها إلا إذا تم مراجعتها وتعديلها.
      
      و بينما في بعض الولايات القضائية يتم تبيين مثل هذه المبادئ والأفكار الأساسية بشكل واضح في التشريع، فانه في ولايات أخرى يمكن رسمها فقط وبشكل غير مباشر من خلال التحليل الغرضي لقانون العمل القائم، والذي وفقا له يتم التفكير بالنص التشريعي كخريطة لمخطط أو برنامج عمل وان التركيز الأساسي في التفسير ليس إلى حد كبير 12. بمثابة معنى النص بقدر ما هو أسباب سنه والتوجيهات التي يشير إليها لذلك لإجراء مثل هذا التحليل الغرضي قد يتطلب الأمر فحصا دقيقا للممارسة القضائية أيضا ولهذه الغاية من الممكن أن تكون الادبيات ذات الصلة أيضا بمثابة مساعدة مهمة.

وباستثناء أينما يكون القصد تغيير قانون العمل القائم، فان سن التشريع المقترح يجب أن ينسجم، من ناحية النص، مع التشريع القائم. وهذا الانسجام من حيث النص لديه عنصران أساسيان وهما الانسجام الأساسي والانسجام الرسمي . فالانسجام الأساسي يتطلب بلورة سن التشريع المقترح بطريقة من شأنها أن تضمن بان لا تحل نصوصه بشكل مقصود النصوص ذات الصلة والواردة في تشريع العمل القائم. أما الانسجام الرسمي فهو يفترض مسبقا بان سن التشريع المقترح سيتم بناؤه أو هيكلته وصياغته وفقا للمعايير المعمول بها في الولاية القضائية المعنية، ومرة أخرى إلا إذا كانت النية تغيير هذه المعايير. لذلك:

*      إلى الحد الذي لا توجد فيه لتنقيحها، فان الانسجام الأساسي للسن المقترح مع النصوص ذات الصلة لتشريع العمل القائم يجب أن يتم ضمانها.

*      إلى الحد الذي لا توجد فيه لتعديله، فان شكل سن التشريع المقترح يجب أن يتطابق مع الشكل الذي يتبعه التشريع القائم ذو الصلة.

[أعلى الصفحة]

الإمكانية العملية (للتطبيق)

تستند أي ممارسة صياغة تشريعية إلى التوقع بان سن التشريع الذي هو قيد الإعداد سيطبق بشكل ناجع، أي أن النية التشريعية التي تقف وراءه سيتم إنجازها. ولهذه الغاية، من المهم إعارة الانتباه لتقدير الإمكانية العملية التطبيق) التشريع المقترح من وجهة النظر التنظيمية التي تنطوي على تحليل للتكلفة/ المنفعة، ومن وجهة نظر الجدوى الإدارية على حد سواء.

[أعلى الصفحة]

الجدوى الناظمة: تحليل التكلفة/ المنفعة

ان عملية التشريع بشكل كاف أو مفرط أن تنطوي على تأثيرات عملية عكسية وخطيرة، لا سيما أينما يكون موضوع البحث (القضية) قيد التعديل تضم اعتبارات لكل من الحماية الاجتماعية والفعالية الاقتصادية وتكاد كل ممارسة صياغة لتشريع العمل تواجه بمثل هذه المشكلة أي الحماية الاجتماعية مقابل الفعالية الاقتصادية. وفيما يمكن أن ينتج عن عدم الإفراط في التعديل حماية اجتماعية غير كافية، فان الإفراط في التعديل يمكن أن يؤثر سلبا على الفعالية الاقتصادية. لذلك من المهم السعي إلى توازن ملائم بين هذين الهدفين.

واثناء فعل هذا الأمر، من المهم تقدير التكاليف والمنافع المتوقعة نتيجة تنفيذ التشريع الجديد. ومثل هذه التكاليف والمنافع يجب التعرف عليها وتقييمها بحرص. ويتعين على تحليل التكلفة/ المنفعة أن لا يأخذ بالحسبان اثر الحماية الجديدة على العمال والمشاريع المتأثرين ولكن أيضا الاقتصاد والمجتمع ككل. وهذا يجب أن يتم من منظور قصير المدى ويعيد المدى على حد سواء. على سبيل المثال، قد يكون من السهل نسبيا التعرف على التكاليف قصيرة المدى للأشكال الجديدة للحماية، لكن الأمر اقل سهولة للتعرف على المنافع على المدى الأطول والتي قد تنجم من حيث علاقات تشغيل وعمل وإنتاجية افضل بالإضافة إلى تكاليف طويلة المدى للمجتمع والتي لا توفر الحماية المقصورة. وعلى نحو مشابه، فان التكاليف طويلة المدى لتنافسية المشاريع يجب دراستها. وبالرغم من أن تقدير التكلفة/ المنفعة للتأثير التشريعي ليس، بشكل نقي، من وظيفة الصائغين، يتعين على الأخير العمل مع السلطات ذات الصلة للبدء به، حتى ولو انه يمكن فقط تنفيذه بشكل غير دقيق جدا.

     

إذا تضمن سن التشريع المقترح تكاليف محتملة مهمة أو من المتوقع أن يعطي منافع مهمة سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية، فانه يجب ضمان تحليل احتمالية التكلفة/ المنفعة الخاصة به.

     

يتعين على تحليل التكلفة/ المنفعة أن يأخذ بالاعتبار اثر التشريع المتوقع على المدى الطويل وكذلك الأثر على العمال والمشاريع وكذلك على الاقتصاد والمجتمع ككل.


[أعلى الصفحة]

الجدوى الإدارية

في تحليل النية التي تقف وراء سن التشريع المقترح، يجب أيضا الأخذ بالحسبان إلى أي مدى يمكن إدارته بنجاعة. فالتحقق من الجدوى الإدارية تنطوي على الجوانب التالية:

إن كافة هذه العناصر بمثابة شروط مسبقة مهمة ولا غنى عنها من اجل تنفيذ ناجح لسن التشريع المقترح. وإذا كان أحد هذه العناصر مفقودا أو لم يتم بلورته بشكل كاف فانه يتعين أما أن يتم تصور تدابير ملائمة لبلورة إطار إداري إلى حد كاف أو أن الغاية التي تقف وراء السن المقترح يجب تعديلها وفقا للظروف القائمة لذلك.

      اذا كانت الجدوى الإدارية لسن التشريع المقترح موضع شك، فانه يجب مناقشة هذا الأمر مع القائمين على رعايته، ويجب بلورة استراتيجية للتعاطي مع المشكلة.

[أعلى الصفحة]

التصميم

الإطار لسن التشريع الجديد . بعد دراسة غرض سن التنويع المقترح، فان مشكلة تصميمه تأتي إلى المقدمة. وفي هذه المرحلة، فانه يجب بلورة نظرة كلية وشاملة الرؤية لموضوع البحث (القضية) قيد التعديل وكذلك للمعايير التي سيتم تضمينها في سن التشريع المقترح وذلك لبنائه بطريقة تضمن شموليته لأولئك الذين يخاطبهم، كشرط مسبق لتنفيذه الناجع، ولهذه الغاية:

      يجب بناء المواضيع التي سيتم معالجتها في سن التشريع المقترح بطريقة تحترم منطق العلاقة المتداخلة للنصوص حول موضوع البحث (القضية الذي يتم تغطيته وان تسهل (الطريقة) فهمه أو استيعابه من قبل أولئك المدعوين لتطبيقها (النصوص).

     

يجب بلورة مخطط أو إطار تحضيري على أساس هذه البنية والذي يجب أن يكون:

     
      منسجما مع الغاية التي تقف وراء سن التشريع المقترح
      منسجما مع أساليب الصياغة الرسمية التي تتم ممارستها في الولاية القضائية المعنية
      بسيطا ومساعدا للمستخدم بالقدر الذي تسمح به محتوياته
      يتم مناقشته مع الأطراف المشاركة او التشاور حوله أثناء عملية الصياغة
*   يجب أن يكون مثل هذا الإطار ذو طبيعة دلالية ويسمح لأولئك المعنيين بالعملية: (1) رؤية بنية التشريع المقترح، (2) تحديد التسلسل الذي سيتم اتباعه على امتداد سير عملية الصياغة، (3) بلورة مخطط نص اكثر تفصيلا وبحيث يتم تكييف هذا الإطار مع ظروف والاهتمامات التي قد تنشأ أثناء سير عملية الصياغة.

طرق تعديل التشريع القائم . ومن وجهة نظر علاقته مع التشريع القائم فان أي سن تشريع مبلور حديثا يمكن أن يكون إما ذو طبيعة غير تعديلية او ذو طبيعة تعديلية . 13 إن بلورة التشريع غير التعديلي تعني صياغة تشريع حول قضية لم يتم وضع تشريع بخصوصها من قبل، بينما تتضمن صياغة التشريع التعديلي بلورة تشريع يتعلق بقضية قام التشريع القائم بتغطيتها مسبقا. وهذا هو الوضع العادي في حالة تشريع العمل. وبالاعتماد على تأثير التشريع القائم، فان الطرق التالية لادخال التغييرات من الطبيعي ان تستخدم:

تتضمن الأنواع المختلفة للتشريعات التعديلية تصميمات مختلفة. وبينما يكون تصميم التشريع والهادف إلى شطب واستبدال نصوص التشريع القائم أو إدخال نصوص جديدة ذو طبيعة فنية بحته ولا يزود الصائغ(ين) بحجم هام من حرية التصرف أو الاختيار (الاستنساب)، فان تصميم التشريع الهادف الى الغاء التشريع القائم واحلال مكانه يعطي الصائغ(ين) مزيدا من حرية الاختيار. فتصميم التشريع الهادف الى تغيير التشريع القائم بشكل غير مباشر والى ان يتم تأويله بالإضافة إلى انه يتطلب حجما مهما من الانسجام مع تصميم التشريع المعدل. على الرغم من الامكانيات المختلفة، فان التشريع التعديلي يجب أن يصمم في سياق التشريع المعدل وفي سياق الولاية القضائية التي ينتمي لها الأخير لذلك.

     

يجب أن ينسجم تصميم التشريع التعديلي مع تصميم التشريع المعدل والقوانين ذات الصلة الأخرى وذلك لتسهيل فهمه واستيعابه إلا إذا كان تغيير التصميم سيعزز فهمه.

أينما يحمل التشريع التعديلي المقترح في طياته اكثر من قانون واحد:

      يمكن إعداد تشريع تعديلي منفصل لكل قانون معل

      يمكن إعداد تشريع يحتوي على التعديلات على كافة القوانين المعدلة إذا كان الغرض والطبيعة المتوقعة للتغييرات تسمح بذلك والذي فيه يجب وضع النصوص التعديلية لقضية والمتعلقة بكل قانون معدل في مجموعات وفي أجزاء منفصلة من التشريع المقترح.

وإذا حمل التشريع التعديلي المقترح في طياته تغييرات على عدد هام من نصوص قوانين عديده، فانه يمكن تجميع هذه التعديلات في ملحق للقانون الجديد . 14

[أعلى الصفحة]

استخدام قانون العمل المقارن

ان الإشارة إلى الطريقة التي تم فيها معالجة موضوع البحث (القضية) قيد الدراسة في تشريع البلدان الأخرى (أو الوحدات المكونة الأخرى لدولة فيدرالية) هي بمثابة أداة صياغة تشريعية مهمة. فهي لا يمكنها تسهيل التحليل الذي يسبق الصياغة ومراحل التصميم فحسب، وانما قد تقوم أيضا وعلى نحو مهم بإغناء قاعدة معلومات الصائغ(ين) فيما يتعلق بالحلول الأساسية وممارسة الصياغة. ومن اجل التطبيق الناجع لهذا الأسلوب، فان التوصيات التالية قد تثبت على أنها مساعدة:

      يجب النظر إلى مجموعة متنوعة من التشريع، وعلى وجه الخصوص من البلدان التي تملك التقاليد القانونية المشابهة.

     

يجب إعارة الانتباه الخاص للتشريع الذي يتم الإشارة له (في الأدبيات والممارسة) كممارسة صالحة.


      يجب تكييف الأفكار أو الأنماط المستوحاة من التشريع المقارن بحرص مع التصميم ولغة وشكل التشريع المقترح.

[أعلى الصفحة]

العلاقة مع التشريع الآخر ذي الصلة

إذا غطى التشريع المقترح مسألة تم تعديلها مسبقا بشكل ملائم بتشريع آخر وحول موضوع آخر، فانه ثمة إمكانية لأساليب عديدة وذلك بالاعتماد على طبيعة القضية. على سبيل المثال، يمكن فعل ذلك بـ:

ومن الطبيعي ان تقوم الاعتبارات العملية بتبرير هذه الأساليب، لكن استخدامها يملك حججا مؤيدة وأخرى معارضة. ان أنصار هذه الأساليب يشددون على حقيقة أنها: (1) تساعد على اتساق التشريع وتعزيز انسجامه. (2) تحرر عملية صناعة القانون من الحمل الزائد وغير الضروري وتتفادى التكرارات التي لا حاجة لها (3) توفر الوقت والموارد. أما مناوئي هذه الأساليب فهم يعيرون الانتباه إلى حقيقة أنها قد تجعل بنية القانون معقدة بشكل مفرط، واقل قابلية للوصول والاستيعاب بالنسبة لاولئك المعنيين بتطبيقه . 14

في مجال العمل على وجه الخصوص، يتم تعزيز معرفة واستيعاب القانون إذا تم النص في النصوص التشريعية بان تكون شاملة ومندمجة قدر الإمكان، اما في قانون عمل منفرد أو في عدد محدود من القوانين بحيث يعالج كل منها فرعا كاملا من قانون العمل (ظروف وشروط التشغيل، علاقات العمل، السلامة والصحة، الخ..). ومن هذا المنظور يجب تفادي النصوص المشرذمة بشكل كبير. ومع ذلك فانه يمكن القيام بالإسناد الترافقي على نحو مفيد على سبيل المثال إذا نشبت مسالة فصل لا يمكن تبريرها في سياق قانون علاقات العمل، فان القانون قد يرجع على نحو مناسب إلى النصوص الخاصة بالموضوع في القانون الخاص بالتشغيل.

      استخدم الأساليب المرجعية فقط إذا حسنت من استيعاب أو فهم اولئك الذين سيطبق عليهم التشريع

      حدد على نحو دقيق التشريع الذي يتم الرجوع إليه

      تحقق بحرص من انسجام التشريع الذي يتم الرجوع إليه مع الظروف المزمع فيها تطبيق التشريع المقترح

      اضمن الانسجام الشكلي واللغوي والأساسي ما بين التشريع المقترح والتشريع الذي يتم الرجوع إليه

      إذا اقتضت الضرورة ضمّن في إشارة (بين قوسين) وصفا مختصرا للتشريع الذي يتم الرجوع له

مثـال:

"وفقا للجزء 117من قانون حقوق التشغيل لعام 1996 (الانفاذ بمكافاة التعويض)، أو .".

[أعلى الصفحة]

 

ملاحظات

1.  روث سوليفان، دريجر بشان بناء القوانين، الطبعة الثالثة (تورنتو، بتروورتس، 1994)، ص 46 .

2.   تريبيلوك، الحوار الاجتماعي، ص 21.

3.  المرجع نفسه، ص 15 وهيثي، هنغاريا: الحوار الاجتماعي ضمن وخارج إطار الثلاثية، ورقة غير منشورة أعدت لبرنامج المركز بشان الحوار الاجتماعي، كانون أول 1998.

4. مرصد (نقطة مراقبة) العلاقات الصناعية الأوروبية ( EIRO )، حد ث6,98، ص 13. انظر دستور البرتغال، المادة 54، رقم 5، الفقرة د، والمادة 56، رقم 2 الفقرة أ

5.المرجع نفسه، قانون 16/79، 26 أيار 1979.

6.   NEDLAC

7.   مرسوم وزير القوى البشرية، رقم 7 لعام 1999

8.   م.ع.د، حل لغز الاتفاقيات الأساسية لـ م.ع.د من خلال الحوار الاجتماعي: التجربة الاندونيسية (جاكارتا: 1999).

9.   الدول الأعضاء في CARICOM هم: انتيغوا وباربودا، البهاما، باربادوس، بيليز، الدومنيكان، غرينادا، غوانا، جمايكا، مونتسيرات، القديس كيتس ونيفز، القديس لوقيا، القديس فنسنت والغرينادينز، سورينام وترينيداد وتوباغو.

10.   انغولا، بوتسوانا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليسوثو، ملاوي، موريشيوس، موزمبيق، ناميبيا، سيشل، جنوب افريقيا، سوزي لاند، تنزانيا، زامبيا وزمبابوي.

11.  انظر العمل اللائق، تقرير المدير العام، مؤتمر العمل الدولي، الجلسة 87، 1999.

12.  سوليفان اقتباس من نفس المصدر ص 35.

13.   اساليب محددة لصياغة التشريع التعديلي يتم تعديلها أينما يكون الأمر ملائما في الفصول X , XI أدناه.

14.  لمزيد من التفاصيل، انظر ثورنتون اقتباس من نفس المصدر، الصفحات 168-173.



Copyright ©
1996-2006 International Labour Organization (ILO) - Disclaimer