![]() |
![]() |
|
البرنامج المكثف حول الحوار الاجتماعي وقانون العمل وإدارة العمل - الحوار الاجتماعي
|
القيام بإضراب هو أحد الوسائل الأساسية المتاحة للعمال ومنظماتهم لدعم مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية. وهو اكثر أشكال العمل الجماعي وضوحا وإثارة للجدل في حالة نشوب نزاع عمل معين وغالبا ما ينظر إليه على انه الملاذ الأخير لمنظمات العمال في السعي وراء مطالبهم.
ولكن يجب أن لا ينظر إلى الإضرابات بمعزل عن العلاقات الصناعية ككل. فهي أعمال مكلفة ومضرة للعمال وأصحاب العمل والمجتمع على السواء، وعندما تحدث فإنها تفعل ذلك نتيجة الفشل في عملية ترتيب ظروف وشروط العمل من خلال المفاوضة الجماعية. وفي الحقيقة فإنها اكثر من أي جانب آخر في العلاقات الصناعية تمثل أحد الأعراض لقضايا أوسع وأخطر والنتيجة هي أنه حتى لو كان الإضراب محرما بالتشريع الوطني أو بأمر قضائي فان ذلك لن يمنعه من الحدوث إذا كانت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية قوية بما فيه الكفاية.
وتعترف الهيئات الإشرافية لمنظمة العمل الدولية بالحق في الإضراب على أنه عنصر داخلي مكمل للحق في الإضراب الذي تحميه الاتفاقية رقم 87 وهو مشتق من حق المنظمات العمالية في صياغة برامجها ونشاطاتها لتعزيز ودعم مطالب أعضائها الاقتصادية والاجتماعية. ولكن الحق في الإضراب ليس حقا مطلقا فهو ربما يخضع لشروط أو قيود قانونية معينة وربما أيضا تحريمه في ظروف استثنائية (اتفاقية حرية الارتباط وحماية الحق في التنظيم 1948 (رقم 87)، المادة 3، المسح العام لحرية الارتباط والمفاوضة الجماعية، الفقرة 151).
كما أن الحق في الإضراب معترف به أيضا في الاتفاقيات الدولية والإقليمية مثل الميثاق الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 (المادة 8 (1) (د)، والميثاق الأمريكي للضمانات الاجتماعية لعام 1948 (المادة 27) والميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 (المادة 6 (4) والبرتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية حول حقوق الإنسان في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والحقوق الثقافية لعام 1988 (المادة 8 (1) (ب)).
يحظى الحق في الإضراب بالاعتراف الصريح في دساتير و/أو قوانين الكثير من البلدان. وفي بعض الحالات فانه يتخذ شكل الحق الفردي المرتبط بالعمال المنفردين. وفي حالات أخرى يعترف به كحق جماعي للعمال وفي الحالة الأخيرة لا يستفيد العمال المنفردون من حماية القانون إلا عندما يشاركون في الإضراب الذي يدعو إليه الاتحاد النقابي رسميا.
إذا كان يجب حماية العمل الصناعي الذي يقوم به العمال دفاعا عن مصالحهم (أي إذا لم يحمل المشاركون في العمل المسؤولية عن عواقبه وخاصة الآثار الاقتصادية المترتبة عليه) فانه يجب عندئذ أن يدخل تحت غطاء تعريف الإضراب الذي يحظى بالحماية أو أي عمل صناعي مماثل. وإن أية أعمال أخرى مثل العنف أو تعطيل العمل الذي لا يدخل ضمن هذا التعريف فهو عمل غير محمي.
وفي معظم الحالات، يعتبر التوقف عن العمل إضرابا. أما الأشكال الأخرى من العمل الصناعي التي تشل أو تخفض وتيرة النشاط الاقتصادي لمشروع معين مثل التباطؤ أو العمل وفق قواعد فان قد يدخل وقد لا يدخل ضمن تعريف الفعل الإضرابي ويحظى بالحماية في ظل القانون. وترى الهيئات الإشرافية لمنظمة العمل الدولية أن القيود القانونية على مثل هذه الأشكال من العمل لا تكون مبررة إلا إذا لم تكن سلمية.
في بعض البلدان يتمتع كل العمال بالحق في الإضراب سواء في القطاع العام أو الخاص وبغض النظر عن الآثار المترتبة على المصلحة العامة من جراء التوقف عن العمل في مؤسساتهم. وفي بلدان أخرى يحرم الموظفون العموميون من الحق في الإضراب وكذلك المستخدمون في الخدمات الأساسية. وفي بلدان كثيرة تعتبر الإضرابات في أوضاع الطوارئ محرمة.
للموظفين العموميين مثل غيرهم من العمال الحق في ممارسة الحق في التنظيم، ومع ذلك فانه من الأمور المعترف بها في مبادئ حرية الارتباط أن كبار الموظفين العموميين من المستويات العالية أي الذين يمارسون السلطة باسم الدولة يحرمون من الحق في الإضراب (المسح العام الفقرة 158). وقد يشمل هذا التحريم للحق في الإضراب أعضاء النظام القضائي والمسؤولين العاملين في إدارة العدالة ولكن لا يجوز توسيع هذا الحرمان ليشمل الموظفين العموميين بشكل عام أو المستخدمين العموميين الذين يعملون في مشاريع تجارية أو صناعية مملوكة للدولة (دليل قرارات ومبادئ حرية الارتباط - لجنة الهيئة الحاكمة الفقرات 537 و 532).
ونظرا للتمييز المذكور أعلاه فانه يجب على أي قيود تشريعية أن تحدد بوضوح والى أضيق حد ممكن طبقة الموظفين العموميين الذين يتم تقييد حقهم في الإضراب.
ويجب أن يتم تحديد هؤلاء الموظفين العموميين وفق الأسس التالية:
في الغالب تفرض التشريعات الوطنية بعض القيود على الحق في الإضراب في نشاطات معينة تعرف عادة على أنها الخدمات الأساسية. وفي هذا الخصوص اتخذت الهيئات الإشرافية لمنظمة العمل الدولية موقفا يقول بأنه من المسموح تحديد أو تحريم الحق في الإضراب في الخدمات الأساسية التي تم تعريفها على أن انقطاعها يهدد الحياة بالخطر كما يهدد السلامة الشخصية أو/ صحة السكان كلا أو جزءا (المسح العام الفقرة 159).
وفي هذا الخصوص، قد تضع التشريعات تعريفا عاما للخدمات الأساسية وتترك انقطاعها في حالات خاصة للسلطة العمومية أو المحاكم. أو أن التشريع قد يضع إجراء معينا لتحديد ما إذا كان ذلك النشاط يعتبر خدمة أساسية أم لا وفي بعض الحالات يتم ذلك التحديد بمشاركة منظمات العمال واصحاب العمل. وفي حالات معينة، يشتمل التشريع على قائمة بالنشاطات التي تعتبر خدمات أساسية و التي لا يسمح فيها بتوقف العمل.
إن تقرير أي الخدمات تعتبر أساسية في كل حالة يعتبر مسألة دقيقة وحساسة. فعلى سبيل المثال قد لا يعتبر توقف العمل في نشاط محدد في بلدان كثيرة على أنه يشكل خطرا على الحياة أو السلامة الشخصية أو صحة السكان كليا أو جزئيا في حين أنه ربما تعتبر هذه الخدمة أساسية في بلدان أخرى بالنظر الى ظروفها الخاصة. ومن اجل التوضيح ربما تعتبر خدمات الموانئ أو خدمات النقل البحري أساسية في أحد الجزر التي تعتمد على هذه الخدمات بشكل رئيسي في الحصول على إمداداتها التموينية بينما لا تعتبر أساسية في معظم البلدان الأخرى. الى جانب ذلك، فان اثر الإضراب قد يعتمد على طول مدته، بالتوقف لبضعة أيام قد يتسبب في مشاكل قليلة بينما يتسبب التوقف لأسابيع أو لشهور بمس خطير بمصالح السكان المعنيين (مثلا خدمات جمع النفايات المنزلية). ونظرا لما ذكر اعلاه، تعهد بعض البلدان إلى سلطة محددة صلاحية إعلان الخدمة أساسية أو لا أو تحريم الإضراب في خدمة أو نشاط معين عندما تؤدي طول مدته إلى نشوء وضع يقارب من الطوارئ لكل السكان أو جزء منهم.
لقد اتخذت الهيئات الإشرافية لمنظمة العمل الدولية الموقف القائل بأنه حيثما يخضع الحق في الإضراب إلى قيود أو تحريم فانه يجب إعطاء العمال المعنيين ضمانات تعويضية مثل إجراءات توفيق ووساطة تقود في حالة الوصول إلى طريق مسدود إلى آلية تحكيم تعتبرها الأطراف المعنية آلية موثوقة. وفي مثل هذه الحالات يجب أن تكون الأطراف قادرة على المشاركة في تقرير وتنفيذ تلك الإجراءات التي يجب أن توفر ضمانات كافية من الحياد والسرعة.
والى جانب ذلك، يجب أن تكون قرارات التحكيم ملزمة للطرفين وأنه يجب تنفيذها بشكل كامل وبسرعة عند اتخاذها (المسح العام الفقرة 164).
في سبيل ضمان تلبية الحاجات الأساسية للسكان خلال إضراب معين يجري في أحد المرافق العامة التي لا يكون انقطاع خدماتها حكما مسبقا على الجمهور لتبرير حظر كامل على الإضرابات فانه يجوز وضع تشريع لإدامة الخدمة بحدها الأدنى. وربما تكون خدمة الحد الأدنى مطلوبة بدلا من الحظر التام على الإضرابات في الخدمات الأساسية بالمعنى الدقيق لتعبير خدمة الحد الأدنى (المسح العام الفقرات 160-162).
وقد ارتأت الهيئات الاستشارية لمنظمة العمل الدولية أن ذلك يمكن أن يوفر بديلا ملائما في مثل هذه الخدمات شريطة أن لا يؤدي ذلك الى التشكك في الحق في الإضراب بالنسبة للغالبية العظمى من العمال، ويجب على مثل هذه النصوص التشريعية أن تلبي شرطين على الأقل:
ويجب أيضا على شرط خدمة الحد الأدنى أن تكون:
ومن المحبذ في هذا الخصوص:
إن النزاعات حول الحقوق و الواردات في القانون, أو الاتفاقيات الجماعية أو عقود العمل غالبا لا تعتبر مبررا للجوء الى الاجراء الاضرابي. و هذا بسبب انه يتوقع من الاطراف اللجوء الى القضاء من خلال هيئة قضائية ذات صلة أو هيئة أخرى لحل النزاع بعد اتخاذ أي اجراء توفيقي و الذي يمكن أن يكون قابلا للتطبيق.
تضع التشريعات الوطنية غالبا عددا من الشروط التي يجب على العمال ومنظماتهم تلبيتها قبل أن يستطيعوا ممارسة الحق في الإضراب. ولكن نظرا لان هذه الشروط قد تتسبب بخطر تحديد حرية العمال ومنظماتهم في ممارسة نشاطاتهم وصياغة برامجهم، فإنها يجب أن لا تمنعهم بلا وجه حق من اللجوء إلى الإضرابات للدفاع عن مصالح العمال. وفي هذا الخصوص فإننا نجد الشروط التالية غالبا في التشريعات:
يشترط التشريع في كثير من البلدان أن يتم استنفاذ كل إجراءات التوفيق والوساطة قبل الدعوة الى الإضراب. ويأتي هذا الشرط انسجاما مع مبادئ حرية الارتباط والحق في الإضراب لانه قد يشجع على عقد المزيد من المفاوضات. ومع ذلك يجب أن تكون هذه الإجراءات بطيئة أو معقدة بحيث يصبح الإضراب القانوني مستحيلا في الممارسة أو يفقد فعاليته (المسح العام الفقرة 171).
وفي بعض البلدان يشترط التشريع مباشرة وجوب عدم الدعوة إلى الإضراب قبل استنفاذ إجراءات التوفيق والوساطة. وفي بلدان أخرى يكون ذلك نتيجة للشرط التشريعي بوجوب إبلاغ النزاعات لسلطات التوفيق ولا يأتي التخويل بإجراء الإضرابات إلا عندما لا يتم حسم النزاع بعد اتباع الإجراءات الضرورية الخاصة.
إن الهدف من وجود شرط بعقد اقتراع قبل الدعوة إلى الإضراب هو ضمان إجراء علاقات العمل وبضمنها أي إجراء صناعي بطريقة منظمة قانونية وذلك لتقليل احتمالات حدوث الإضرابات الشرسة ولضمان السيطرة الديمقراطية على القرار الهام للعمال المعنيين. وفي اغلب الأحيان سواء كان التشريع يتضمن ذلك الشرط أم لا فانه يجب وضع نص في لوائح الاتحادات العمالية على ضرورة إجراء اقتراع للإضرابات.
وفي البلدان التي يكون فيها الحق في الإضراب حقا جماعيا وبالتالي خاضعا لقرار الاتحاد النقابي يكون هناك في الغالب واجب قانوني يقع على الاتحاد لإجراء اقتراع للإضراب قبل الدعوة للإضراب وكي تقوم غالبية محددة من العمال بالموافقة على الإضراب. وتأتي هذه النصوص وفقا لمبادئ الحق في الارتباط بحيث لا تجعل من ممارسة الحق في الإضراب عملا صعبا للغاية أو حتى مستحيلا عمليا. ويجب أن تضمن النصوص التشريعية حول هذا الموضوع ما يلي بشكل خاص:
(المسح العام الفقرة 170، الدليل الفقرة 506، 507، 508، 511).
في كثير من البلدان يشترط القانون على العمال ومنظماتهم إعطاء فترة إشعار عن نيتهم إجراء إضراب. وبقدر ما ينظر إلى هذا الشرط على أنه مرحلة إضافية في عملية المفاوضة والمقصود منها تشجيع الأطراف على الدخول في مفاوضات نهائية قبل اللجوء إلى إجراء إضرابي، فانه ربما ينظر إليه كإجراء يتخذ لتشجيع وتعزيز تطور المفاوضة الجماعية الاختيارية وفقا للاتفاقية رقم 98. ومع ذلك فان فترة الأشعار المطلوبة يجب أن لا تكون طويلة جدا بحيث تقيد حق الإضراب بدون وجه حق. والى جانب ذلك يجب اشتراط فترات إشعار اقصر خاصة عندما تكون فترات التوفيق والوساطة المنقضية طويلة وتكون قد مكنت الأطراف من تحديد المسائل العالقة في النزاع بوضوح. (المسح العام الفقرة 172).
ويجب أن تكون فترات الإشعار, المطبقة بوجه عام على كل أنواع المؤسسات, قصيرة بينما يجوز أن تكون تلك المطبقة في الخدمات الأساسية أو الخدمات الاجتماعية أو التي تتعلق بالمصلحة العامة أطول إلى حد معقول.
وقد ارتأت لجنة حرية الارتباط أن فترات الإشعار التالية في مثل هذه الخدمات تنسجم مع مبادئ حرية الارتباط:
يهدف إضراب الامتناع عن الدخول إلى ضمان نجاح إضراب معين عن طريق إقناع اكبر قدر ممكن من العمال بالبقاء بعيدا عن العمل. وفي حين تتفاوت الممارسات الوطنية في هذا الخصوص، فان الامتناع عن الدخول عموما هو أمر مسموح به وينظر إليه في الغالب على انه شكل من أشكال الحق في الإضراب. وفي بعض البلدان، يضع التشريع قيودا معينة على الامتناع عن الدخول واحتلال مكان العمل. وحتى تكون أية قيود منسجمة مع مبادئ حرية الارتباط فانها يجب أن تكون محدودة بالحالات التي يتوقف هذا الإجراء عن كونه سلميا فيها (المسح العام الفقرة 174).
إن الحفاظ على علاقة العمل وصيانتها خلال وبعد الإجراء الإضرابي يعتبر نتيجة قانونية طبيعية لاحقة للاعتراف بالحق في الإضراب. وفي الحقيقة إذا لم ينص التشريع على حماية حقيقية في هذا الخصوص فربما يصبح الحق في الإضراب خاليا من المحتوى (المسح العام الفقرة 139).
ولا يجوز في ظل القوانين السارية في معظم البلدان أن يقوم صاحب العمل بطرد العمال المشاركين في إضراب قانوني. ولكن بوجه عام يعتبر عقد العمل الفردي للعامل المضرب مجمدا خلال فترة الإضراب.
![]() |