![]() |
![]() |
|
البرنامج المكثف حول الحوار الاجتماعي وقانون العمل وإدارة العمل - الحوار الاجتماعي
|
تعتبر المفاوضه الجماعية التي تشتمل على المفاوضات وابرام الاتفاقيات الجماعية الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها منظمات أصحاب العمل والعمال في تقرير شروط وظروف التشغيل. فما أن تتأسس منظمات العمال واصحاب العمل بحرية حتى تصبح المفاوضة الجماعية عاملا مركزيا في ممارسة حرية الارتباط وفي أنظمة علاقات العمل. وقد أثبتت جدارتها عبر السنوات كأداة ديمقراطية للتغلب على صراعات المصالح وبذلك تم تجنب اللجوء إلى أشكال اكثر حدة في العمل الصناعي كالإضرابات. وباعتبارها تمثل صمام الأمان لضمان سوق عمل هادئ سلمي متعاون واكثر نشاطا وفاعلية كنتيجة لذلك فإنها باتت تشكل حجر الزاوية لأي ديمقراطية متقدمة وأي اقتصاد سوق متطور.
إن التركيز الواقع على المفاوضة الجماعية في اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية لمنظمة العمل الدولية وفي قوانين وممارسات الأغلبية العظمى للدول الأعضاء هو شهادة على أهميتها في الاقتصاديات الحديثة. كما أنها ترقى إلى مستوى الاعتراف الواضح بالمبادئ القائلة بوجوب أن تكون منظمات العمال التي تعمل نيابة عن أعضائها قادرة على التفاوض على شروط وظروف التشغيل مع أصحاب العمل والتي هي افضل مما يستطيع العامل أن يحققه بمفرده.
وبالتالي فان المفاوضة الجماعية تمثل وسيلة للتغلب على القدره الأولية التفاوضية غير المتكافئة للعمال المنفردين إزاء أصحاب عملهم من خلال التفاوض على الاتفاقيات الجماعية التي تحل محل الشروط الواردة في عقود العمل الفردية. وبالمقابل يمكن لاصحاب العمل أن يتوقعوا تحسن الإنتاجية وقدرا اكثر من الإخلاص والولاء من قوة العمل الأكثر مهارة واقوى دافعية عندما تتمتع بشروط وظروف عمل أفضل.
ان نشر المفاوضة الجماعية يشكل أحد الاهتمامات المركزية والأكثر أهمية بالنسبة لمنظمة العمل الدولية. 1 وكما هو معترف به في إعلان فيلادلفيا فانه يقع على منظمة العمل الدولية "التزام جدي أن تنشر وتدعم بين دول العالم البرامج التي تحقق الاعتراف الفعال بحق المفاوضة الجماعية والتعاون بين الإدارة والعمال في سبيل التطور المستمر للكفاءة الإنتاجية وبتعاون العمال واصحاب العمل في إعداد وتنفيذ الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية. 2
وقد أعيد التأكيد من جديد مؤخرا على أهمية المفاوضة الجماعية في إعلان منظمة العمل الدولية حول مبادئ وحقوق العمل لعام 1998 والذي ينص على انه يقع على عاتق كل الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية حتى لو أنها لم تصادق على اتفاقيات منظمة العمل الدولية موضوع البحث، التزام ناشئ من حقيقة عضويتها نفسها في المنظمة "لاحترام ونشر وتحقيق بنية حسنة ووفقا للدستور والمبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية بما في ذلك الاعتراف الفعال بالحق في المفاوضه الجماعية" (الفقرة 2 (أ) من الإعلان).
ويتلقى حق المفاوضة الجماعية الاعتراف والحماية من عدة اتفاقيات خاصة بمنظمة العمل الدولية وتوصياتها وخاصة الاتفاقية رقم 98 3 واتفاقية المفاوضة الجماعية لعام 1981 (رقم 154). 4
كما أن هناك نصوصا دولية هامة أخرى تعترف بالحق في المفاوضه الجماعية مثل الميثاق الأمريكي للضمانات الاجتماعية (1948) والميثاق الاجتماعي الأوروبي (1961) وميثاق المجموعة الأوروبية للحقوق الاجتماعية الأساسية للعمال (1989).
ولا يمكن أن يكون هناك اكبر من هذا التركيز على أهمية الالتزامات الواردة في هذه الاتفاقيات خاصة وان فكرة المفاوضة الجماعية تتعرض لضغط متزايد بفعل التطورات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة. 5
والهدف الرئيسي للسياسة الاجتماعية في هذا المجال هو نشر وتشجيع المفاوضه الجماعية الحرة الطوعية التي تسمح للفرقاء بأكبر قدر من الاستقلالية الذاتية في حين أنها تقدم في الوقت ذاته إطارا قانونيا وبنية إدارية يستطيعون اللجوء إليها على أساس طوعي اختياري ومن خلال اتفاقيات متبادلة لتسهيل إبرام الاتفاقيات الجماعية. 6
الاتفاقية رقم 98 تشترط اتخاذ ما يلي على البلدان التي تصادق عليها
إجراءات ملائمة للظروف الوطنية (.) حيثما كان ضروريا لتشجيع ونشر التطور الكامل والاستفادة من آلية المفاوضات الطوعية بين منظمات أصحاب العمل والعمال فيما يخص تنظيم شروط وظروف التشغيل بواسطة الاتفاقيات الجماعية (المادة 4).
وتنص الاتفاقية رقم 154 بصراحة اكبر على اتخاذ "إجراءات ملائمة للظروف الوطنية لنشر المفاوضه الجماعية (المادة 5 الفقرة 1).
إن أحد الوسائل الأساسية التي تسعى الدول الأعضاء من خلالها الى تنفيذ هذا الالتزام هو سن تشريعات العمل مدعومة في الغالب بوسائل أخرى مثل الاتفاقيات الجماعية وجوائز التحكيم واللوائح والأنظمة الإدارية والمراسيم والأوامر الوزارية. 7 كما أنها في أحيان كثيرة تؤسس هيئات إدارية لمراقبة مدى مراعاة الالتزامات القانونية ذات العلاقة ولتقديم خدمات التوفيق والوساطة لمساعدة الفرقاء.
وتعتمد درجة ملائمة استخدام التشريع لنشر وتطوير المفاوضة الجماعية ومستوى التفصيل المطلوب إدخاله في التشريع على الظروف الوطنية وخاصة على قوة أو ضعف التقاليد الوطنية في مجال المفاوضة الجماعية. 8 فعلى سبيل المثال ربما تجد حكومة بلد ما استنادا إلى السياق الموجود أنه من الملائم سن إجراءات وآليات تفصيلية تحكم المفاوضة الجماعية. وفي حالات أخرى ربما يكون من الضروري ببساطة الإشارة في النص القانوني إلى حق أصحاب العمل ومنظماتهم والاتحادات العمالية في الدخول في المفاوضات الجماعية. ولذلك فانه يعتبر من الأمور المهمة تفصيل وخياطة مستوى النظام ليلائم الشروط الوطنية وبقدر ما أن الافتقار إلى إطار تشريعي واضح قد يقوض المفاوضة الجماعية في بعض البلدان 9 فان الإفراط في التنظيم قد يؤدي الى نتيجة مماثلة في بلدان أخرى. 10
ومن المعترف به على نطاق واسع للغاية أن الالتزام بنشر المفاوضات الطوعية فيما يخص تنظيم شروط وظروف العمل عن طريق الاتفاقيات الجماعية ينطوي على التزام بضمان الحق في المفاوضة الجماعية للأطراف المعنية. وحيثما تتطلب الظروف الوطنية ذلك فان الأمر ربما يتطلب أيضا وضع نصوص لعدة التزامات قانونية مساعدة حتى تتم ممارسة الحق في المفاوضة الجماعية بصورة فعالة في الممارسة بما في ذلك الالتزام في ظل ظروف معينة بالاعتراف بالطرف المعني لأغراض المفاوضة الجماعية والتفاوض مع ذلك الطرف بنية حسنة.
بموجب اتفاقيات منظمة العمل الدولية فان الحق في الدخول في المفاوضات الجماعية ينطبق على كل منظمات العمال وكل أصحاب العمل ومنظماتهم 12 مع السماح باستثناءات محددة معينة وأية تحديدات محكمة على الشخصية التمثيلية لمنظمة معينة.
وفيما يتعلق بالاستثناءات من هذا الحق تنص الاتفاقيات رقم 98 و 151 و 154 على انطباقها على أفراد القوات المسلحة والشرطة بالمدى الذي تقرره القوانين أو الأنظمة الوطنية أو الممارسات الوطنية. 13 وهذا يعني أن القوانين أو الأنظمة الوطنية قد تطبق هذه الضمانات بشكل كامل أو جزئي أو لا تطبقها على الإطلاق على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنظماتهم.
إلى جانب ذلك فان الاتفاقية (رقم 98) تنص بصراحة على أنها لا تتعامل مع وظيفة الموظفين العموميين الذين يعملون في إدارة الدولة. وهذا يعني انه في حين أن مثل هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالحق في التنظيم بفضل الاتفاقية رقم 87 إلا أن الضمانات الواردة في الاتفاقية رقم 98 لا تمتد لتشملهم على الرغم من أن الاتفاقية رقم 98 تنص على انه يجب أن لا تفهم على أنها تمس بحقوقهم أو مكانتهم بأية طريقة كانت. 14
وقد وجدت الهيئات الإشرافية لمنظمة العمل الدولية انه يجب تطبيق هذه الاستثناءات بطريقة مقيدة للغاية. وفي حالة الموظفين العموميين فقد ميزت لجنة الخبراء بين الموظفين العموميين الذين بسبب طبيعة وظائفهم يشتغلون مباشرة في إدارة الدولة وبذلك يمكن استثناءهم من مجال الاتفاقية رقم 98 من جهة وبين كل الأشخاص الآخرين العاملين لدى الحكومة. وفي المشاريع العمومية وفي المؤسسات العمومية المستقلة ذاتيا والذين ينبغي ان يستفيدوا من الضمانات الواردة في الاتفاقية من جهة أخرى. 15
ويجب أيضا وضع قيود عند النظر إلى الاستثناءات المتعلقة بالشرطة والقوات المسلحة. فعلى سبيل المثال وجدت إحدى اللجان الخاصة بحرية الارتباط أن فنيي الملاحة المدنية العاملين ضمن الولاية القانونية للقوات المسلحة لا يمكن اعتبارهم نظرا لطبيعة وظائفهم على انهم ينتمون إلى القوات المسلحة وبذلك يكونوا خاضعين للاستثناء من الضمانات الواردة في الاتفاقية رقم 98. 16
وتعترف الغالبية العظمى من بلدان العالم قانونا أو بالممارسة بحق منظمات العمال في المفاوضه الجماعية رغم أن هذا الحق قد يخضع في أحيان كثيرة للاستثناءات المذكورة أعلاه.
وفي بعض الأحيان تعرف التشريعات الوطنية صراحة الأطراف التي لها الحق في المفاوضة الجماعية والمستوى الذي يمكن أن تحدث عليه المفاوضات. وتعرف الأطراف التي تجري بينها المفاوضة الجماعية في العادة على أنها منظمات العمال (أو الاتحادات النقابية) من جهة واصحاب العمل الصناعيين أو عدة أصحاب عمل مجتمعين أو منظمات أصحاب العمل من جهة أخرى.
بوجه عام، ليس هناك مستوى افضل مقبول للمفاوضة الجماعية الثنائية بقدر ما يتعلق الأمر بالمستويات التي يمكن أن تحدث فيها المفاوضة الجماعية (مثل مستوى المؤسسة أو المشروع أو فرع النشاط). وان المستوى أو المستويات الملائمة للمفاوضة الجماعية تعتمد على قوة ومصالح واهداف وأولويات الفرقاء المعنيين وكذلك على هيكل الحركة النقابية ومنظمات أصحاب العمل والنماذج التقليديه للعلاقات الصناعية 17.
وتشير الفقرة 4 من توصية المفاوضة الجماعية (1981) رقم 163 الى انه:
يجب اتخاذ إجراءات تتلائم مع الظروف الوطنية إذا دعت الضرورة حتى يمكن إجراء المفاوضات الجماعية على أي مستوى مهما كان بما في ذلك مستوى المؤسسة أو المشروع أو فرع النشاط أو المستويات الإقليمية أو الوطنية.
وان التشريعات التي تقيد اختيارات الأطراف في هذا المجال قد تتعارض مع الاتفاقية رقم 9818 ومع مبدأ حق منظمات العمال واصحاب العمل في تنظيم نشاطاتهم وصياغة برامجهم.19 ومن جهة ثانية يجوز للتشريعات أن تخلق إطارا للمفاوضة الجماعية يستطيع الفرقاء اللجوء إليه إذا رغبوا في ذلك.
لا يمكن أن تجري المفاوضة جماعية إلا إذا تم اعتراف الفرقاء بعضهم ببعض لهذا الغرض. 20 وقد يكون هذا الاعتراف اختياريا طوعيا كما هو الحال في بعض البلدان حيث ترتكز فيها المفاوضة الجماعية على اتفاقيات أو على ممارسة عريقة قائمة ومع ذلك ومن اجل أن تحمي الاتحادات العمالية ضد رفض بعض أصحاب العمل التفاوض مع الاتحادات النقابية التي تمثل مستخدميها المعنيين فقد تبنت بلدان كثيرة تشريعات تجبر أصحاب العمل على الاعتراف بالاتحاد النقابي لأغراض المفاوضة الجماعية مع خضوع ذلك لشروط وظروف معينة21 وفي مثل هذه الحالات فان سؤال ما إذا كان صاحب العمل مجبرا وملزما على الاعتراف باتحاد نقابي ما لذلك الغرض يعتمد في العادة على التعريف القائم بالنسبة للصفة التمثيلية للمنظمات فيما يتعلق بهؤلاء الذين يسعون لتمثيلهم.
وفي ابسط الحالات فان النصوص التشريعية من هذا النوع تستطيع تحديد المسؤول عن القيام بالمفاوضة الجماعية وبذلك فهي تساعد الأطراف المعنية على الاعتراف ببعضها البعض.
إن تقرير مدى تمثيل منظمة معنية يمكن أن يكون قضية صعبة خاصة في البلدان التي يوجد فيها تعدد في الاتحادات النقابية والتي تحدث فيها المفاوضة الجماعية بوجه عام على مستوى المشروع كما تحدث أيضا في حالات أخرى على مستوى الفرع الصناعي أو المستوى الوطني. 22
وقد تبنت بلدان عديدة تشريعات تتضمن إجراءات لتقرير المكانة التمثيلية لطرف معين لأغراض المفاوضة الجماعية. وتجدر الإشارة في هذا الخصوص إلى انه يعترف بمفهوم المنظمات الأكثر تمثيلا لأغراض التمثيل في هيئات منظمة العمل الدولية وقد أشارت لجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية إلى انه من اجل تجنب أي فرصة للانحياز أو الاستغلال فانه يجب على مثل هذه الإجراءات حيثما وجدت أن ترتكز على معايير موضوعية موضوعة مسبقا. 23
أخيرا فيما يتعلق بالمكانة التمثيلية للمنظمات, تجب الإشارة إلى انه في حين أن النصوص التشريعية حول هذا الموضوع تضع معايير كمية (نظرا للرغبة في الموضوعية) فان هذه النصوص قد تحتوي أيضا على معايير أخرى مثل الاصالة والاستقلالية والمجال الجغرافي.
تشمل التشريعات في بعض البلدان نصوصا للاعتراف باتحاد نقابي ما على انه الوكيل المفاوض الحصري في وحدة المفاوضة. وهذا الأمر يسمح للاتحاد النقابي المعني بان يمثل كل المستخدمين في الوحدة لأغراض المفاوضة الجماعية ويستبعد الاتحادات النقابية الأخرى التي قد يكون لديها أعضاء في الوحدة. وفي العادة فان مثل هذه التشريعات توجد في بلدان تجري فيها المفاوضة الجماعية على مستوى المشروع أو على مستوى المؤسسة وحيث أن وجود تعددية في الاتحادات النقابية فيها تجعل من المفاوضة الجماعية أمرا معقدا وصعبا. وطالما أن هناك خطرا في أن يستغل هذا الإجراء لاستبعاد منظمات اختارها العمال بصورة حرة من عملية المفاوضة الجماعية فقد تبنت الهيئات الإشرافية في منظمة العمل الدولية وجهة النظر التي تقول بأنه حيثما يوجد قانون ينص على تصديق أو تعيين وكيل مفاوض حصري فانه يجب وجود حمايات معينة وهي على وجه التحديد:
وبسبب الحاجة إلى توفير ضمانات من هذا النوع فان التشريعات المتعلقة بالاعتراف بالوكلاء الحصريين للمفاوضة تميل في العادة إلى التفصيل وتشمل النصوص التالية:
في العادة تفرض التشريعات التي تنشئ إجراءات لتصديق منظمة معينة على أنها الوكيل الحصري للمفاوضة لتقوم بالمفاوضة نيابة عن كل المستخدمين في وحدة المفاوضة ما, واجبا على مثل هؤلاء الوكلاء بان يمثلوا كل المستخدمين بشكل عادل ومنصف سواء كانوا أعضاء في الاتحاد أم لا.
في بعض الحالات خاصة عندما تسعى السياسة العامة لنشر المفاوضة الجماعية على مستوى الفرع الصناعي نجد أن بلدانا معينة تتبنى نصوصا تشريعية تنشئ إطارا مؤسسيا لمثل هذه المفاوضات . وقد تعتمد هذه الأطر ببساطة على إجراءات الاعتراف في حين أن إجراءات أخرى قد تقيم هياكل مؤسسية يمكن للأطراف أن تستخدمها إذا رغبت في المفاوضة على هذا المستوى.
تشمل المفاوضة الجماعية الفعالة على تحفيز الحوار وتشجيع ونشر مبدأ الإجماع.26 وقد حاول عدد من البلدان القيام بهذا عن طريق إدخال الواجب القانوني في التشريع بقصد إلزام الأطراف على طاولة المفاوضة الدخول في مفاوضات على قاعدة الاطلاع الكامل على المعلومات. والغرض النهائي لهذا النوع من الواجب هو ضمان توفير كل فرصة ممكنة للأطراف من اجل الوصول إلى الاتفاق. وفي بعض الحالات يكون هذا الواجب مقصورا على واجب التفاوض بينما في حالات أخرى نجد انه يتم وصفه بتعبير واجب المفاوضة بنية حسنة.
وفي هذا الخصوص يجب أن نتذكر أن لجنة منظمة العمل الدولية الخاصة بحرية الارتباط قد أكدت على الأهمية التي تعلقها على مبدأ أن يتفاوض أصحاب العمل والاتحاد العمالية بنية طيبة وان يحاولوا التوصل إلى اتفاق خاصة في المؤسسات مثل الخدمات الأساسية حيث لا يسمح للاتحادات العمالية بالقيام بإضرابات. 27
إن أحد الالتزامات الرئيسية التابعة من واجب المفاوضة بنية حسنة هو أن يقدم صاحب العمل للاتحاد النقابي المعلومات المطلوبة حتى يكون قادرا على المشاركة في مفاوضات مفيدة وذات معنى (انظر التوصية رقم 163 الفقرة 7 (1).28
انسجاما مع التركيز الموضوع على المفاوضة الجماعية والاختيار الحر للأطراف المتفاوضة تضع مستويات العمل الدولية تعريفا واسعا للمفاوضة الجماعية والموضوع الذي تبحث فيه تعرف المادة 2 من الاتفاقية رقم 154 المفاوضة الجماعية على أنها تشمل:
كل المفاوضات التي تجري بين صاحب العمل أو مجموعة من أصحاب العمل أو واحدة أو اكثر من منظمات أصحاب العمل من جهة وبين واحدة أو اكثر من منظمات العمال من جهة أخرى وذلك من اجل (أ) تقرير شروط وظروف العمل و/أو (ب) تنظيم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال و/أو (ج) تنظيم العلاقات بين أصحاب العمل أو منظماتهم وبين منظمة أو منظمات عمالية.
وانسجاما مع ما سبق ذكره فانه ينبغي التوسع في تعريف موضوع المفاوضة إذا وجد انه من الضروري في القانون تعريف الموضوع الذي يشمل الحق في المفاوضة الجماعية. وفي بعض البلدان فان الحالة القانونية (الصلاحية) تميز بين القضايا التي يلزم الأطراف بالتفاوض عليها إذا طلب ذلك أحد الأطراف والقضايا التي يجوز للأطراف أن تتفاوض عليها طوعيا إذا اتفقوا على ذلك. وفي بعض الأحيان تنشئ التشريعات التزاما بإدخال نصوص قانونية في الاتفاقيات الجماعية حول مسائل محددة مثل تسوية النزاعات حول تفسير وتطبيق الاتفاقية.
في الغالب تشمل التشريعات الخاصة بالمفاوضة الجماعية نصوصا تتعلق بالاتفاقيات الجماعية نفسها. وتميل هذه النصوص إلى شمول المسائل التالية فيها:
تتطلب النصوص التشريعية حول هذا الموضوع عادة عقد اتفاقيات كتابية تبين الأطراف في الاتفاقية وان يوقعها ممثلون عن الأطراف كما تبين تاريخ دخولها حيز التنفيذ. كما أنها تتطلب أحيانا أخرى أن تقوم الأطراف بإدخال نصوص حول قضايا موضوعية معينة مثل الإجراءات المتعلقة بتسوية النزاعات الناشئة عن الاتفاقية.
وفقا للتوصية الخاصة بالاتفاقيات الجماعية 1951 (رقم 91) الفقرة 3 (1):
يجب أن تكون الاتفاقيات الجماعية ملزمة للموقعين عليها وملزمة لهؤلاء الذين أبرمت الاتفاقية نيابة عنهم. ويجب أن لا يسمح لاصحاب العمل والعمال الملزمين باتفاقية جماعية بإدخال شروط في عقود العمل مخالفة لتلك الواردة في الاتفاقية الجماعية. 29
وتبين النصوص التشريعية حول هذا الموضوع عادة أن الاتفاقيات الجماعية تكون ملزمة قانونيا للأطراف الداخلة فيها وملزمة للأعضاء في منظمة تكون طرفا في الاتفاقية. كما يتم في العادة إدخال بنود تنص على أن الاتفاقية تدخل في أو تعدل شروط أي عقد أو اتفاقية سارية المفعول أو مبرمة لاحقا بين الأطراف التي تغطيها الاتفاقية.
وتشترط بعض النصوص القانونية على الأطراف أن تقدم الاتفاقية الجماعية للسلطات العمومية للمصادقة عليها قبل أن تصبح صالحة للتنفيذ. وهذا النوع من النصوص القانونية ينسجم مع الاتفاقية رقم 98 شريطة أن تشترط جواز رفض تلك المصادقة إذا كان هناك نقص أو عيب إجرائي في الاتفاقية الجماعية أو أنها لا تلتزم بالمستويات الدنيا الواردة في التشريع المطبق. 30 ومع هذا، فان احتمال التدخل في حق الأطراف في المشاركة بحرية في المفاوضه الجماعية قد ينشأ هنا إذا تم السماح للسلطات بالاحتفاظ بصلاحيات تنسيبية كاملة لرفض الاتفاقية الأمر الذي يشكل خرقا لمبدأ المفاوضات الطوعية ولاستقلالية الأطراف.
يتم فرض هذا الشرط في الغالب بالتشريعات، والمقصود منه هو السماح للسلطات العمومية بمتابعة التطورات في المفاوضه الجماعية وتقرير ما إذا كان هناك عيب أو نقص قانوني من أي نوع في اتفاقية ما وابلاغ الأطراف حولها. كما انه يعني أيضا انه يمكن للسلطات المعنية أن تكون اكثر استعدادا لمساعدة الأطراف في التعامل مع أي نزاعات تنشأ عن الاتفاقية أو في اية مفاوضات لاحقة بين الأطراف نفسها.
تشترط التشريعات الوطنية على أصحاب العمل أحيانا أن يضمنوا إبلاغ المستخدمين بالاتفاقيات الجماعية القابلة للتطبيق عليهم (انظر التوصية رقم 91 الفقرة 8 (1)).
إن ممارسة توسيع الاتفاقيات الجماعية على أصحاب العمل والمستخدمين غير اولئك الذين تنطبق عليهم مباشرة هو أمر موجود بشكل رئيسي في بلدان يكون فيها مستوى الفرع الصناعي من المفاوضة الجماعية هو السائد. وفي العادة فان التشريع الذي ينص على مثل هذه الممارسة يضع عددا من الشروط المتعلقة بمدى تمثيل أطراف الاتفاقية للذين تنطبق عليهم وهذا الشرط يقتضي الطلب المسبق من قبل أحد أو كلا الطرفين في الاتفاقية التشاور مع ممثلي هؤلاء الذين توسعت الاتفاقية لتشملهم.
وتشير (التوصية رقم 91 الفقرة 5 (2) إلى انه:
يجوز للقوانين أو الأنظمة الوطنية أن تجعل توسيع الاتفاقية الجماعية خاضعا للشروط التالية من بين أمور أخرى:
(أ) أن الاتفاقية الجماعية قد غطت عددا من أصحاب العمل والعمال المعنيين الذين يعتبرون في رأي السلطات المختصة ممثلين بشكل كاف
(ب) كقاعدة عامة أن يطلب توسيع الاتفاقية من قبل واحدة أو اكثر من منظمات أصحاب العمل والعمال الذين هم أطراف الاتفاقية
(ج) قبل توسيع الاتفاقية أن يعطي أصحاب العمل والعمال الذين ستنطبق عليهم الاتفاقية بعد توسيعها فرصة تقديم ملاحظاتهم عليها.
وتغطي بعض الأمثلة المذكورة أدناه عددا من القضايا المذكورة سابقا. وهذه الأمثلة تخص النصوص التشريعية المتعلقة بقضية واحدة عندما يكون من السهل فصلها عن بعضها البعض.
مثال (تسجيل الاتفاقيات الجماعية)
مثال (تبليغ الاتفاقيات الجماعية)
مثال (توسيع الاتفاقيات الجماعية)
1. انظر مثلا: نشر المفاوضة الجماعية، مؤتمر العمل الدولي، الجلسة 66 - 1980 ص 62
2. إعلان فيلادلفيا 1944 المادة الثالثة .
3. التأكيد على أهمية هذه الاتفاقية من خلال حقيقة قيام 153 دولة عضو بالمصادقة عليها حتى منتصف عام 2003 وهو ثاني أعلى تصديق على أي اتفاقية لمنظمة العمل الدولية.
4. الاتفاقيات الأخرى ذات العلاقة تشمل اتفاقية حرية الارتباط وحماية الحق في التنظيم 1948 (رقم 87)، توصية المفاوضات الجماعية 1951 (رقم 91)، توصية التشاور (المستويات الصناعية والوطنية) 1960 (رقم 113)، اتفاقية ممثلي العمال (رقم 135) والتوصية (رقم 143) 1971، واتفاقية منظمات العمال الزراعيين (رقم 141) والتوصية (رقم 149) 1975، واتفاقية علاقات العمل (الخدمة العمومية) رقم 1521 والتوصية (رقم 159)، 1978 وتوصية المفاوضة الجماعية 1981 (رقم 163) (التي تكمل الاتفاقية رقم 154). بالنسبة للاتفاقيات والتوصيات الأخرى المتعلقة بالمفاوضة الجماعية انظر المفاوضة الجماعية: مبدأ أساسي وحق واتفاقية، ثقافة العمل 1999/ 1-2 الأعداد 114 - 115 (منظمة العمل الدولية) ص 125.
5. انظر غيرنيغون، ب، ص 29
6. المسح العام لتقارير اتفاقية حرية الارتباط والحق في التنظيم (رقم 87) 1948 واتفاقية الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية (رقم 98، 1949 التقرير الثالث (الجزء ب4) مؤتمر العمل الدولي الجلسة 81 عام 1994 الفقرة 247).
7. انظر مثلا المراجع في الاتفاقية رقم 154 المادة 4.
8. بالنسبة لمناقشة حدثت مؤخرا حول مدى استخدام البلدان المختلفة لتشريعات تشجع نشر المفاوضة الجماعية انظر كاسالي ج: المفاوضة الجماعية والقانون في اوروبا الوسطى والشرقية: بعض القضايا المقارنة (منظمة العمل الدولية، ورقة عمل رقم 20 عام 1997).
9. انظر أ. برونستاين: "المفاوضة الجماعية: تحليل مقارن" في المفاوضة الجماعية: مبدأ أساسي وحق واتفاقية" ص 35.
10. انظر رويدا كاتري و م. سيبولدا مالبران و ج.م فيغا رويز و م.ل: "تطالب الكثير من القطاعات الاجتماعية اليوم بان تتبنى الاتحادات النقابية موقفا مشتركا في إطار الحوار الاجتماعي" في المفاوضة الجماعية: مبدأ أساسي وحق واتفاقية ص 53.
11. يرتبط الحق في المفاوضة الجماعية ارتباطا وثيقا بالحق في التنظيم والحق في الإضراب (انظر الفصل الثاني و الخامس ).
12. يجوز أيضا إجراء المفاوضات مع ممثلي العمال (بدلا من المنظمات) كما هو مشار إليه في الاتفاقية رقم 135 والتوصية رقم 143.
13. انظر الاتفاقية رقم 98 المادة 5 الفقرة 15 والاتفاقية رقم 151 المادة 1 الفقرة 3 والاتفاقية رقم 154 المادة 1 الفقرة 2).
14. انظر الفصل الثاني
15. المسح العام الفقرة 200
16. موجز قرارات ومبادئ لجنة حرية الارتباط للهيئة الحاكمة لمنظمة العمل الدولية الطبعة الرابعة (منقحة) (منظمة العمل الدولية- جنيف 1996) الفقرة 805 في بعض البلدان يكون لأفراد القوات المسلحة والشرطة الحق في الدخول في المفاوضة الجماعية. انظر مثلا: مناقشة حالة جمهورية التشيك في كاسالي ص 14.
17. كما يشير بامبر قد يكون لكل من المفاوضة المركزية واللامركزية فوائد ومساوئ استنادا إلى السياق الذي تتم فيه. انظر بامبر ص 434.
18. الموجز، الفقرة 782
19. نشر المفاوضة الجماعية ص 15
20. المسح العام، الفقرة 240 نشر المفاوضة الجماعية ص 16
21. المسح العام، الفقرة 240 نشر المفاوضة الجماعية ص 16
22. لا يمكن ايفاء موضوع بهذا التعقيد حقه كاملا من الدراسة في هذه الخطوط العريضة، ولكن تم تناول بعض القضايا الأكثر أهمية، ولمزيد من الاطلاع والدراسة للقضايا ذات العلاقة انظر مثلا ج. بامبر "المفاوضة الجماعية في طبعات بلانبين، قانون العمل المقارن والعلاقات الصناعية في اقتصاديات السوق المصنعة الطبعة السادسة المنقحة (كلوار لاهاي 1998) ص 414 كاسالي ج وتمثيلية النقابات في منظور مقارن (منظمة العمل الدولية التقرير رقم 18 عام 1996).
23. التقرير العام الفقرة 240 انظر أيضا الفقرة 3 (ب) من التوصية رقم 163
24. انظر جيرار ليون-كاين وجين بليسير: حق العمل الطبعة 16 عام 1992 الصفحات 557 - 558 (الفقرة 623).
25. المسح العام الفقرة 240.
26. برونستاين ص (34).
27. الموجز، الفقرة 243.
28. هناك التزامات مماثلة أخرى موجودة بموجب اتفاقيات دولية أخرى مثل: الخطوط العامة لدول مجلس التعاون الاقتصادي للمشاريع المتعددة الجنسية 1976 والتعليمات الخاصة بالاتحاد الأوروبي حول مجالس العمل الأوروبية 1994.
29. انظر أيضا الموجز الفقرة 818.
30. المسح العام الفقرة 251.
![]() |