التقرير العالمي للحماية الاجتماعية 2020-2022

تقرير لمنظمة العمل الدولية يظهر أن أكثر من أربعة مليارات شخص ما زالوا بلا أي حماية اجتماعية

كشف وباء كوفيد-19 عن وجود فجوة في الحماية الاجتماعية بين البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض، وفاقم تلك الفجوة.

خبر | ٣٠ أغسطس, ٢٠٢١
جنيف (أخبار م. ع. د) – على الرغم من التوسع غير المسبوق في الحماية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم أثناء أزمة كوفيد-19، لا يزال أكثر من أربعة مليارات شخص دون حماية على الإطلاق وفق تقرير جديد صادر عن منظمة العمل الدولية.
ويخلص التقرير إلى أن خطط مواجهة الوباء كانت غير متكافئة وغير كافية، ما عمق الفجوة بين البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض وفشل في توفير الحماية الاجتماعية الملحة التي يستحقها جميع البشر. وتشمل الحماية الاجتماعية الحصول على الرعاية الصحية وأمن الدخل، ولا سيما في حالات الشيخوخة والبطالة والمرض والعجز وإصابات العمل والأمومة وفقدان المعيل الرئيسي، وكذلك بالنسبة للأسر التي لديها أطفال.
وقال غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية: "إن البلدان على مفترق طرق. وهذه لحظة مفصلية لتسخير خطط مواجهة الوباء بهدف بناء جيل جديد من أنظمة الحماية الاجتماعية القائمة على الحقوق بغية حماية هؤلاء الناس من أزمات المستقبل ومنح العمال والشركات الأمن للتعامل مع التحولات المتعددة المقبلة بثقة وأمل. وعلينا أن ندرك أن الحماية الاجتماعية الفعالة والشاملة ضرورية ليس فقط لتحقيق عدالة اجتماعية وعمل لائق بل ولرسم مستقبل مستدام وقادر على الصمود في وجه الأزمات أيضاً".
إن "التقرير العالمي للحماية الاجتماعية 2020-2022: الحماية الاجتماعية عند مفترق الطرق – سعياً وراء مستقبل أفضل" يعرض نظرة عامة على التطورات الأخيرة في أنظمة الحماية الاجتماعية، ومنها أرضيات الحماية الاجتماعية. وهو يغطي آثار وباء كوفيد-19، ويحدد الثغرات في الحماية، ويضع توصيات رئيسية للسياسات، ومنها ما يتعلق بأهداف أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
إن 47 في المائة فقط من سكان العالم مشمولون حالياً بواحدة على الأقل من إعانات الحماية الاجتماعية، بينما لا يحصل 4.1 مليار شخص (53 في المائة) على أي أمن للدخل على الإطلاق من نظامهم الوطني للحماية الاجتماعية.
وثمة تفاوتات إقليمية كبيرة في الحماية الاجتماعية. فأوروبا وآسيا الوسطى تحظيان بأعلى معدلات التغطية، إذ إن 84 في المائة من سكانهما تشملهم إعانة واحدة على الأقل. كما أن نسبة التغطية في الأمريكيتين أعلى من المتوسط العالمي، إذ تبلغ 64.3 في المائة. أما آسيا والمحيط الهادئ (44 في المائة) والدول العربية (40 في المائة) وأفريقيا (17.4 في المائة) فتعاني من ثغرات كبيرة في التغطية.
ولا يزال السواد الأعظم من الأطفال في جميع أنحاء العالم محرومين من التغطية الفعالة للحماية الاجتماعية، إذ لا يحصل سوى طفل واحد من كل أربعة أطفال (26.4 في المائة) على إحدى إعانات الحماية الاجتماعية. ولا يحصل سوى 45 في المائة من النساء اللواتي وضعن حديثاً على إعانة أمومة نقدية. ولا يحصل على إعانة العجز إلا واحد من كل ثلاثة أشخاص يعانون من إعاقات شديدة (33.5 في المائة). وتغطية إعانات البطالة أقل من ذلك، إذ إن 18.6 في المائة فقط من العاطلين عن العمل مشمولون بتغطية فعالة. وعلى الرغم من أن 77.5 في المائة من المتقاعدين يحصلون على شكل من أشكال معاش الشيخوخة، لا تزال هناك تفاوتات كبيرة بين المناطق، وبين الريف والمدينة، وبين المرأة والرجل.
كما أن الإنفاق الحكومي على الحماية الاجتماعية يتفاوت تفاوتاً كبيراً. ففي المتوسط، تنفق البلدان 12.8 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة)، غير أن البلدان مرتفعة الدخل تنفق 16.4 في المائة، بينما لا تنفق البلدان متدنية الدخل على الحماية الاجتماعية سوى 1.1 في المائة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويقول التقرير إن الفجوة التمويلية (أي الإنفاق الإضافي المطلوب لضمان الحد الأدنى على الأقل من الحماية الاجتماعية للجميع) قد زادت بنحو 30 في المائة منذ بداية أزمة كوفيد-19. فلضمان تغطية الحماية الاجتماعية الأساسية على الأقل، على البلدان منخفضة الدخل إنفاق مبلغ إضافي قدره 77.9 مليار دولار سنوياً. ويرتفع هذا الرقم إلى 362.9 مليار دولار في البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، وإلى 750.8 مليار دولار في البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى. وهذا يعادل 15.9 و5.1 و3.1 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على التوالي.
وقالت شهرة رضاوي مديرة الحماية الاجتماعية في منظمة العمل الدولية: "ثمة ضغوط هائلة على البلدان للانتقال إلى السياسات التقشفية في أعقاب الإنفاق العام الهائل على خططها لمواجهة الأزمة، ولكن تقليص الحماية الاجتماعية ضار جداً. لذا، فالاستثمار مطلوب هنا والآن. والحماية الاجتماعية أداة مهمة يمكنها أن تعود بفوائد اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق على البلدان قاطبة أياً كان مستوى تنميتها. فبمقدور الحماية الاجتماعية دعم تحسين الصحة والتعليم، وزيادة المساواة، وجعل النظم الاقتصادية مستدامة، وإدارة الهجرة على نحو أفضل، ومراعاة الحقوق الأساسية. وبناء نظم يمكن أن تحقق هذه النتائج الإيجابية يقتضي مزيجاً من مصادر التمويل وتضامناً دوليا أكبر، ولا سيما مع دعم البلدان الفقيرة. لكن فوائد النجاح ستتجاوز حدود الدول لتفيدنا أجمعين".
تجدر الإشارة إلى أن "الدعوة العالمية إلى العمل من أجل تعافٍ من وباء كوفيد-19 محوره الإنسان" سلطت الضوء على تدابير محددة تعزز الحماية الاجتماعية الشاملة. وكانت هذه الدعوة التي تحدد أجندة شاملة للتعافي قد أقرتها في حزيران/يونيو 2021 الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية بالإجماع والتي تمثل الحكومات ومنظمات العمال وأصحاب العمل.