بدعمٍ من مجموعة اتفاقيات تجارية متداخلة على شكل "طبق النودل الآسيوي"، وعدد من المبادرات من أجل التكامل الإقليمي على غرار الجماعة الاقتصادية (AEC) التابعة لرابطة أمم جنوب شرق آسيا (ASEAN)، شهدت التجارة البينية والاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل إقليم آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء الدول العربية) ارتفاعاً ملموساً في العقود المنصرمة، حيث باتت تستحوذ على أكثر من نصف مجموع التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر في الإقليم. ومن المتوقع للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP)، في حال إبرامها، والشراكة الاقتصادية الاستراتيجية للمحيط الهادئ (TPP)، عند دخولها حيز التنفيذ، أن تزيد أيضًا من التدفقات التجارية وتعزز سلاسل القيمة العالمية والإقليمية الموجودة في الإقليم، مع ما يرافق ذلك من آثار على أسواق العمل. وبحسب محاكاة استندت إلى نموذج التوازن العام القابل للحوسبة (CGE)، من المتوقع أن يؤدي تحرير وتيسير التجارة بين بلدان RCEP وTPP وفيما بين بلدان آسيا والمحيط الهادئ، إلى زيادة الناتج الإجمالي ومجموع العمالة، علمًا أن توزيع تلك المكاسب لن يكون متكافئًا بين الجنسين أو بين مختلف القطاعات أو المهن. إضافة لذلك، ونتيجة تحويل التجارة، من المتوقع أن تتكبد البلدان غير المشاركة في مبادرات التكامل الإقليمي خسائر في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومجموع الاستخدام.

لذا وفي سبيل الحرص على تحقيق مكاسب أكثر شمولاً من التكامل الإقليمي، لا بد من اعتماد سياسات ملائمة في مجالي الصناعة والاستخدام، تكون مدعّمة بسياسات لتطوير المهارات من أجل: (1) تمكين العمال والمؤسسات من المشاركة في التجارة الدولية والاستفادة منها؛ (2) تضمين أحكام العمل في الاتفاقيات التجارية، بما فيها المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وردم فجوة الحوكمة في البلدان المعنية؛ و(3) مواصلة المساعي الرامية إلى إرساء أرضيات وطنية للحماية الاجتماعية وتوسيع الضمان الاجتماعي تغطيةً وجودةً، ومساعدة العمال وأسرهم على التكيف مع التغيرات الهيكلية، مع الحرص على تقاسم مكاسب التجارة على نطاق أوسع.