إصلاحاتٌ طموحة في عُمان تمهيدًا للحماية الاجتماعية الشاملة

أقرّت السلطنة قانونًا جديدًا، وُضِعَ بالتعاون مع منظّمة العمل الدولية، ومن شأنه أن يُعيد تشكيل نظام الحماية الاجتماعية بطريقةٍ جذرية ليُصبحَ مرجعًا لبلدان المنطقة

بيان صحفي | ٢٠ يوليو, ٢٠٢٣


بيروت (أخبار م. ع. د) - أصدر جلالة سلطان عمان هيثم بن طارق في 13 تموز/يوليو 2023 قانون الحماية الاجتماعية عبر المرسوم السلطاني رقم 52/2023. يأتي القانون الجديد تتويجًا لجولةٍ من الإصلاحات الطموحة بقيادة "توازُن"، البرنامج الحكومي الرفيع المستوى لتحقيق التوازن المالي (الآن "استدامة")، بدعمٍ مكثّف من منظّمة العمل الدولية.

تنطوي الإصلاحات الشاملة على إعادة هيكلة كاملة لنظام التقاعد القائم على الاشتراكات، مع دمج 11 صندوق تقاعد ضمن نظام وطني موحّد لتلبية احتياجات جميع العاملين في القطاعَيْن الخاصّ والعام. وعُمان هي أيضًا أوّل دولة في مجلس التعاون الخليجي تُنشئ نظامًا للتأمين الاجتماعي لمنافع الأمومة والأبوّة والمنافع النقدية المَرَضية.

من أبرز ميزات القانون الجديد أنّه يُقدِّم منافع الحماية الاجتماعية الشاملة المموّلة من الحكومة، بما في ذلك المنافع النقدية لجميع الأطفال دون سنّ 18 عامًا، ومعاش الشيخوخة الشامل لكبار السنّ الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، وبدل الإعاقة الشامل. وفي محاولةٍ لزيادة الكفاءة والاتّساق، ستُدار جميع منافع الحماية الاجتماعية المموّلة من الحكومة ومن الاشتراكات من خلال "صندوق الحماية الاجتماعية"، وهو وكالة موحّدة أُنشئت مؤخّرًا وتُعنى بالحماية الاجتماعية.

كذلك، يوسّع القانون الجديد نطاق الحماية بشكلٍ ملحوظ لتشمل العمّال المهاجرين في عُمان، الذين يمثّلون أكثر من ثلاثة أرباع السكّان العاملين في السلطنة. سيستفيد العمّال المهاجرون من التغطية في حالات إصابات العمل والأمومة والمرض بموجب الشروط نفسها التي تنطبق على العمّال من المواطنين. وللمرّة الأولى في المنطقة، سيتمّ إنشاء صندوق ادّخار وطني لإدارة استحقاقات نهاية الخدمة للعمّال المهاجرين.

وَضَعَت الإصلاحات معيارًا إقليميًا جديدًا ينسجم مع معايير العمل الدولية في مجال الضمان الاجتماعي، ومع مبدأ الإعمال التدريجي لإطار الحماية الاجتماعية الشامل والقائم على الحقوق، بما يتماشى مع توصية منظّمة العمل الدولية بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية، 2012 (رقم 202).

في هذا الإطار، صرَّح ناصر الجشمي، معالي الأمين العام لوزارة المالية والمشرف العام على البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي ("استدامة")، قائلًا: "انطلاقًا من المبادئ التي ينصّ عليها النظام الأساسي العُماني والأهداف المُعبّر عنها في رؤية عُمان 2040، أخذت الحكومة على عاتقها تحسين الرفاه والحماية الاجتماعية كأولوية استراتيجية أساسية. وفيما تسعى عُمان جاهدةً نحو تحقيق اقتصاد أكثر تنوّعًا وإنتاجيةً، تبقى حماية الناس في صلب التزاماتها. فالحماية الاجتماعية الشاملة والقائمة على الحقوق هي ركيزة أساسية لتعزيز التقدّم الاقتصادي المستدام وضمان استفادة الجميع بدون استثناء".

تعليقًا على هذا الحدث، قالت د. ربا جرادات، المديرة الإقليمية للدول العربية في منظّمة العمل الدولية: "نهنّئ الحكومة وأصحاب العمل والعاملين في عُمان على هذا الإنجاز البالغ الأهمية. يضع القانون رؤيةً جديدة للحماية الاجتماعية في عُمان مُمهّدًا الطريق نحو الحماية الاجتماعية الشاملة في السلطنة، جاعلًا عُمان مثالًا يُحتذى به في سائر بلدان المنطقة". وأضافت: "تُعدّ أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة والجامعة والعادلة والمستدامة أولويةً في بلدان المنطقة للدفع باتّجاه المزيد من التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية. ولقد برهنت عُمان أنَّ التغيير الطموح في المنطقة ممكن، لا سيّما إذا استندَ إلى معايير العمل الدولية والتحليل الدقيق والحوار الاجتماعي".

من جهتها، أعلنت ميا سيبو، مُساعِدة المدير العام لمنظّمة العمل الدولية لشؤون الوظائف والحماية الاجتماعية: "لسنا نُبالغ مهما تحدّثنا عن سلسلة الإصلاحات التي انكبّت عُمان على معالجتها: بدءًا بالتجديد الكامل لنظام الضرائب والدعم، مرورًا بإعادة هيكلة نظام المعاشات التقاعدية والحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات بالكامل، وصولًا إلى المبادرة الطموحة لإعادة النظر في نهج السلطنة حيال الفئات الأكثر هشاشةً في المجتمع، وتزويد العمّال المهاجرين بأساسيات الحماية في مكان العمل". وأردفت قائلةً: "سيتطلّب تنفيذ هذه الإصلاحات المستوى نفسه من التركيز والالتزام المستمرّ الذي أبدته الحكومة وكذلك الشركاء الاجتماعيون حتّى الآن. ونحن نُشجّع الهيئات المكوّنة لمنظّمة العمل الدولية في عُمان على النظر في التصديق على اتّفاقية منظّمة العمل الدولية بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي لعام 1952 (رقم 102)، من أجل ترسيخ معايير الضمان الاجتماعي الدولية التي يعكسها القانون الوطني الجديد".

في السنوات الأخيرة، واجهت أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية في عُمان تحدّيات متزايدة لناحية استدامتها وكفايتها وفعّاليتها في توفير الحماية اللازمة للمواطنين والعاملين. وأدّت البرامج المجزّأة إلى ظهور ثغرات في التغطية والشمولية، ما حالَ دون تحقيق الكفاءة وشكّلَ عائقًا أمام تنقّل العمّال بين القطاعات الاقتصادية.

و قال محمّد سالم راشد القلهاتي، الذي ترأّس الفريق المسؤول عن مشروع إصلاحات المعاشات التقاعدية والحماية الاجتماعية في برنامج "توازُن": "كانَ لا بدّ من اعتماد نموذج جديد للحماية الاجتماعية من أجل معالجة هذه الحالات المختلفة وتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية". وأضاف: "خلال السنوات الماضية، تعاونت الحكومة بشكل مكثّف مع منظّمة العمل الدولية لاستحداث رؤية للحماية الاجتماعية في عُمان تتماشى مع خطّة السلطنة ومع المعايير والأُطُر الدولية الرئيسية. ونحن حريصون على مواصلة هذه الشراكة مع منظّمة العمل الدولية في المرحلة القادمة أثناء تنفيذ نظام الحماية الاجتماعية الجديد".
 
في تقريرٍ مرتقَب أُعِدَّ بالتعاون بين صندوق الحماية الاجتماعية ومنظّمة العمل الدولية، تُحدَّد الجوانب الرئيسية لمسار الإصلاحات ويُسلَّط الضوء على أبرز إنجازاته، منها:

  •  نظام حماية اجتماعية شامل ومناسب يجمع بين الأدوات القائمة على الاشتراكات وغير القائمة على الاشتراكات للتصدّي للمخاطر ومَواطِن الهشاشة طيلة دورة الحياة بطريقةٍ فعّالة وللجميع بدون استثناء؛
  •  نموذج مستدام لتمويل الحماية الاجتماعية بموارد متأتّية من الاشتراكات الاجتماعية والإيرادات العامّة حرصًا على التضامن والإنصاف، مع المساهمة بشكل ملموس في الحدّ من الفقر والهشاشة وعدم المساواة؛
  •  إطار مؤسّسي وتنظيمي متكامل وفعّال من حيث التكلفة لتنظيم منافع الحماية الاجتماعية وإدارتها؛
يمكن مراجعة هذا الرابط للاطّلاع على المزيد من المعلومات والرسوم البيانية حول 7 ميزات رئيسية للإصلاحات:
 
  • الحماية الاجتماعية طيلة دورة الحياة من خلال نهج متكامل متعدّد المستويات: لمحة عامّة حول المنافع الرئيسية
  •  إعادة هيكلة كاملة لـنظام التأمين الاجتماعي القائم على الاشتراكات ونظام جديد موحّد للمعاشات التقاعدية
  •  حماية أكثر شمولًا للعاملين في جميع أشكال التوظيف
  •  أرضية الحماية الاجتماعية الشاملة التي تُموّلها الحكومة كحجر أساس لنظام الحماية الاجتماعية الجديد
  •  تقديم المزيد من الفُرَص للمرأة، عن طريق نهج الحماية الاجتماعية الذي يُراعي المساواة بين الجنسَيْن
  •  خطوات حاسمة لتعزيز حقوق العمّال المهاجرين في الحماية الاجتماعية
  •  إطار قانوني وإداري موحّد لنظام الحماية الاجتماعية بمختلف جوانبه
قدّمت منظّمة العمل الدولية مساعدة فنّية واسعة النطاق في مجال السياسات والجوانب القانونية والحوكمة والنمذجة الأكتوارية والاجتماعية-الاقتصادية للإصلاحات، بواسطة فريق يضمّ خبراء فنيّين بتنسيق من المكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت وإدارة الحماية الاجتماعية في جنيف.

وستُواصل منظّمة العمل الدولية دعم تنفيذ إصلاحات الحماية الاجتماعية في إطار برنامج قُطري جديد للعمل اللائق قيد الإعداد حاليًا. ومن المتوقّع أن تشتمل هذه الجهود على دعم تفعيل نموذج الحوكمة والتمويل والاستثمار لوكالة الحماية الاجتماعية الجديدة، وتوفير المساعدة الفنّية لتصميم وتنفيذ البرامج الجديدة انطلاقًا من الممارسات الدولية الفضلى ومعايير الضمان الاجتماعي، وبناء قدرات الشركاء الثلاثة بشأن إدارة الحماية الاجتماعية، والتقييم المستمرّ للاحتياجات والثغرات في مجال الحماية الاجتماعية.

للمزيد من المعلومات، يمكن مراجعة هذا الرابط أو التواصل مع:

لوكا بيليرانو، اختصاصي أول في مجال الحماية الاجتماعية، المكتب الإقليمي للدول العربية لدى منظّمة العمل الدولية، pellerano@ilo.org
أندريه بيكارد، رئيس وحدة الخدمات الأكتوارية في إدارة الحماية الاجتماعية التابعة لمنظّمة العمل الدولية في جنيف، picard@ilo.org
سلوى كناعنة، مسؤولة الإعلام والاتصال للدول العربية في منظمة العمل الدوليةkanaana@ilo.org