نمو قطاع صناعة الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردني في تطور مستمر
أظهرت دراسة بحثية أجرتها منظمة العمل الدولية/برنامج "عمل أفضل - الأردن"، بالتعاون مع غرفة صناعة الأردن، مواطن قوة قطاع صناعة الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردني، والتحديات التي تواجهه، إضافة إلى الانعكاسات على سياسات الاقتصاد والتوظيف في البلد
يستمر قطاع صناعة الألبسة، والمنسوجات، والجلود الأردني في التطور والتقدم باطراد، مدعوما بسجل متميز من الصمود، والتكيف والنمو المستدام، كواحد من أبرز قطاعات التصدير الوطنية. وتضاعف حجم صادرات القطاع خلال العقد الماضي، إذ وصلت قيمتها إلى نحو 2.26 مليار دولار أميركي عام 2022، مقارنة بنحو 1.12 مليار دولار أميركي عام 2012. ويفوق معدل نمو القطاع نمو حجم الصادرات الكلي في الأردن، البالغ نحو 70% خلال الفترة نفسها.
تؤكد أحدث الإحصاءات الرسمية إسهامات القطاع الكبيرة في الاقتصاد الأردني، إذ يشكل 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي لقطاعات التصنيع في الأردن، ويسهم بنسبة 19.8% من إجمالي صادرات البلد. وتمثل اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والأردن، التي وقعت عام 2000 ودخلت حيز التنفيذ عام 2010، عاملا رئيسيا لنجاح القطاع. تسمح الاتفاقية للأردن بالحصول على رسوم تفضيلية، وبإدخال منتجاته للسوق الأميركي بدون حصص محددة. صناعة الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردنية هي إحدى القطاعات الأساسية المستفيدة من الاتفاقية.
في هذا القطاع المزدهر، توظف المصانع المصدرة إلى الولايات المتحدة نحو 77,800 عامل/عاملة، وتشكل العمالة المهاجرة ثلاثة أرباع القوة العاملة و75% منها هم من النساء.
عام 2022، أقرت الحكومة الأردنية رؤية التحديث الاقتصادي، وهي خطة مدتها عشر سنوات تهدف إلى تعزيز فرص العمل، مستويات الدخل، ومكانة البلد الدولية من خلال الاستثمار في الصناعات عالية القيمة، خدمات جديدة، التعليم، وتكنولوجيا بيئية (خضراء). وقد شملت الخطة قطاع الألبسة، والمنسوجات، والجلود الأردني ضمن الصناعات عالية القيمة، وركزت على الارتقاء بسلسلة القيمة، بما في ذلك من خلال التكامل الأفقي، زيادة المبيعات، وتوسيع فرص التدريب المهني والعمل للأردنيين/للأردنيات.
من خلال ذلك، تطمح الحكومة الأردنية إلى زيادة الصادرات إلى نحو 8 مليارات دولار بحلول عام 2033، وتوفير فرص عمل لـ 149,000 من الأردنيين/الأردنيات في القطاع، مع تحقيق متوسط معدل نمو سنوي 12% في الصادرات، و%9.5 في فرص العمل. تحدد الرؤية أولويات استراتيجية للقطاع، بما في ذلك تطوير تصنيع الأقمشة، توحيد/تبسيط القوانين والأنظمة الخاصة بالقطاع، وتعزيز التكامل بين المؤسسات الكبيرة والصغيرة بهدف دعم النمو في كافة المؤسسات والمشروعات الصغيرة.
المساهمة الاقتصادية الوطنية
في إطار تعاونها مع الشركاء الوطنيين لبناء قدراتهم المؤسسية، تعزيز شراكات أكثر متانة، وزيادة تنافسية قطاع صناعة الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردني، قامت منظمة العمل الدولية/برنامج "عمل أفضل - الأردن" بدعم غرفة صناعة الأردن لإجراء ونشر دراسة بحثية بعنوان "مساهمة قطاع صناعة الألبسة، والمنسوجات، والجلود الأردني في الاقتصاد الوطني".
تتناول الدراسة مواطن قوة القطاع، التحديات التي تواجهه، والانعكاسات على سياسات الاقتصاد والتوظيف، مع التركيز على جوانب جوهرية مثل القيمة المحلية المضافة، العلاقات التشابكية المتبادلة مع قطاعات اقتصادية أخرى في الأردن، ودور القطاع في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة. وتظهر الدراسة ان القيمة المحلية المضافة للقطاع بلغت 41.7% من الإنتاج القائم عام 2018، وهو رقم مرتفع نسبيا مقارنة
ببلدان ذات دخل منخفض وببلدان ذات دخل متوسط لديها صناعات ألبسة ومنسوجات موجهة للتصدير، ومقارنة أيضا بالصناعات التحويلية الأردنية الأخرى.
علاوة على ذلك، وجدت الدراسة ان العائد على رأس المال عام 2018 كان 54.6% (433.3 مليون دولار أميركي) من القيمة المحلية المضافة للقطاع، وشكلت المدفوعات للعمالة نحو 40% (323.6 مليون دولار أميركي)، بينما قدرت مستحقات حكومة الأردن بـ 4.6% (36.5 مليون دولار أميركي) في صورة ضرائب دخل وشركات، وضرائب إنتاج. ونظرا لأن نصيب العمالة المهاجرة من مجموع الوظائف يبلغ 56% ويجري تحويل 64.2% من أجورها، قدرت الدراسة أن 64% من أجور ورواتب العمالة في القطاع تنفق في الأردن. إضافة إلى ذلك، فإن المساهمات الإجتماعية التي يسددها أصحاب العمل تبقى داخل الاردن عملاً بأحكام القانون الأردني.
وتناقش الدراسة البحثية دور القطاع في خلق فرص عمل غير مباشرة، مبينة إسهام الأنشطة في القطاع في خلق نحو 12,400 وظيفة غير مباشرة في الاقتصاد الوطني. وبعبارة أخرى، تسهم كل سبع فرص عمل مباشرة يوفرها القطاع في خلق فرصة عمل واحدة غير مباشرة في قطاع آخر.
وتتجاوز الدراسة أرقام الصادرات لتسلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه قطاع الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردني في اقتصاد الصادرات الوطنية، وكذلك على روابط القطاع الاقتصادية القوية مع قطاعات أخرى، خاصة في العقارات، النقل البري، وتصنيع والآلات، المعدات، والأثاث.
استنتاجات
ان استرشاد الحكومة الأردنية بنتائج هذه الدراسة البحثية سيساعدها على تسخير مواطن قوة قطاع الألبسة، المنسوجات، والجلود الأردني، تعظيم مساهماته، وتأسيس إطار متكامل للتقدم الاقتصادي المستدام والشامل.
تمثل نتائج الدراسة حجر زاوية لصياغة سياسات حكومية مستقبلية، وتقديم رؤى ثاقبة ثمينة لتوجيه قرارات استثمار استراتيجية، مع التركيز على القطاعات التي تتمتع بمعدلات مرتفعة من القيمة المحلية المضافة، وبإمكانات تصديرية.
لتحقيق تلك التطلعات، يمكن للسياسات إعطاء أولوية للمبادرات التي تعزز تنمية المهارات، وأنشطة وتفاعلات قوى العمل، وتوفير ظروف عمل لائقة، والنمو الشمولي، والأثر المحلي، والشراكات مع الجهات المحلية الموردة للمدخلات.
وتتقارب تلك التدابير الجماعية نحو توجيه البلد نحو النمو المستدام. وتعمل الدراسة البحثية كدليل شامل لوضع خطط لاستراتيجيات من شأنها تعزيز مسار متوازن لتنمية اقتصادية مستندة إلى مبادئ أساسية تتضمن مواءمة أوجه التقدم الاقتصادي مع الرعاية الاجتماعية، الإشراف البيئي، وإيجاد سبل للتوظيف وفرص عمل تعود بالفائدة على جميع السكان.
استدامة أثر برنامج "عمل أفضل - الأردن"
في جهد مشترك، نظم برنامج "عمل أفضل - الأردن" وغرفة صناعة الأردن ورشة عمل لبناء القدرات استمرت يومي 17 - 18 تموز/يوليو، 2023. سعت الورشة إلى رفد قدرات الغرفة من خلال التدريب الموجه نحو تزويد الكادر الوظيفي بالمهارات والأدوات الأساسية اللازمة لتكرار واستنساخ الدراسة البحثية بفاعلية. ودعمت الورشة تلك الأدوات، المصممة لهذه الغاية، بدليل خاص بتكرار واستنساخ مثل هذه الدراسات.
هدفت ورشة العمل إلى تيسير نقل المعارف من خلال نقل المهارات والرؤى الجوهرية بغرض تعزيز قدرات وغرفة صناعة الأردن، ليس فقط لتمكينها من إجراء دراسات مماثلة في المستقبل، بل أيضا لتوسيع هذه العملية لتشمل مجموعة متنوعة من القطاعات.