رأي

لمَ يجب أن يكون العمال في صلب جهود السلامة والصحة في قطر؟

بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل 2022، يتوقف أفروز دوار وهو اختصاصي سلامة وصحة وممثل عمالي عند أهمية الحوار الاجتماعي لتعزيز السلامة في مكان العمل في قطر.

Comment | 27 April 2022
أفروز دوار، مدير مسؤول عن الصحّة والسلامة
يشكل العمل في الخليج فرصة للكثير من العمال الأجانب لتحسين سبل عيشهم ومساندة أسرهم. لكنّ بعض هؤلاء يتعرضون لإصابات أو أمراض تمنعهم من تحقيق هذا الحلم. يشكل اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل مناسبة مهمة للتعبير عن احترامنا وتقديرنا لمن يعانون كلّ يوم حول العالم، ويتعرضون لإصابات وأمراض في مكان عملهم، وفرصة لمضاعفة الجهود من أجل ضمان بيئة عمل آمنة وصحية للجميع.

أعمل منذ ١٢ عامًا في مجال السلامة والصحة في قطر. وقد دعتني شبكة تضم جهات معنية بالسلامة والصحة المهنيتين، يدعمها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب (BWI) هذا العام للتحدث في الاحتفال المقام بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة. وفيما كنت أعدّ مداخلتي، التقيت بأعضاء آخرين في الشبكة حرصًا مني على نقل آراء العمال في قطر وواقع حالهم.

لقد تمحورت رسالتي إلى الجمهور حول ضرورة مشاركة العمال بشكل فاعل في توفير بيئة عمل آمنة وصحية. ويعني ذلك المساهمة في بناء منظومة واضحة المعالم تحدد الحقوق والمسؤوليات والواجبات، وتعطي الأولوية القصوى للوقاية من مخاطر السلامة والصحة المهنيتين والحدّ منها.

لماذا تُعتبر مشاركة العمال في هذه العملية مسألة بالغة الأهمية؟

تُعدّ مشاركة العمال في مكان العمل عاملًا يساهم بشكل أساسي في الحدّ من الأمراض والإصابات المهنية. فالعمال يعرفون جيدًا الظروف في موقع العمل، وغالبًا ما يكونون أول من يرصد المشكلات المحتملة. كذلك، فإنّ مشاركة العمال في تصميم وتنفيذ سياسات الوقاية من مخاطر السلامة والصحة المهنيتين والحدّ منها كفيلة بتعزيز فعالية هذه السياسات وتحفيز العمال ما يعود بأثر إيجابي على صحتهم العقلية والنفسية.

لهذا السبب، تشدّد معايير منظمة العمل الدولية والتشريعات الوطنية في قطر على أهمية مشاركة العمال في تصميم وتنفيذ السياسات والبرامج إن على الصعيد الوطني وعلى مستوى الشركات. وتدعو المادة ١٢٦ من القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠٠٤ اللجان المشتركة واللجان العمالية إلى دراسة ومناقشة جميع القضايا المتعلقة بالعمل في المنشأة، خصوصًا ما يتعلق منها بتفادي الحوادث والإصابات في العمل وتحسين مستوى الالتزام بقواعد السلامة والصحة. وتتوفر أحكام مشابهة في وثائق سياساتية وتوجيهية، كمواصفات قطر للإنشاء ٢٠١٤، التي تعتبر أنّ مشاركة القوى العاملة في تحديد المخاطر ومراقبتها ضرورية للحدّ من وقوع الحوادث.

من الناحية العملية، ينبغي على كلّ منشأة إنشاء لجنة معنية بالسلامة تعمل على تطوير الخطط والإجراءات والسياسات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنيتين وتقييم المخاطر. وينبغي كذلك أن يشارك العمال في تدابير وقائية أخرى، بما في ذلك الجولات التفقدية والحملات الخاصة بالسلامة والصحة المهنيتين، وتفتيش مكان العمل، والإبلاغ بالحوادث والطوارئ الوشيكة والتحقيق فيها. كذلك، ينبغي أن يشارك العمال في اختيار المرافق، والأدوات، والآلات ودوامات العمل. وتؤدي عوامل كالإقرار بجهود العمال ومنحهم التقدير والترقيات والمكافآت دورًا محوريًا في التعبير عن الامتنان للعمال على مساهمتهم الفاعلة في النهوض بالسلامة والصحة المهنيتين.

كيف نختار ممثلي العمال؟

لا بدّ من اختيار ممثلي العمال في لجان السلامة بناءً على كفاءاتهم المثبتة، وسجلهم في التدريب، ومهاراتهم ومستوى تعليمهم، واهتمامهم الفاعل في النهوض بالسلامة والصحة. ويكتسب العمال الثقة الكافية للقيام بكلّ ذلك عند حصولهم على التمكين اللازم، وشعورهم بالقدرة على التعبير عما يثير قلقهم بشكل آمن وعندما يلاحظون أنّ مساهماتهم تؤدي إلى اتخاذ تدابير عاجلة.

آمالي للمرحلة المقبلة

بصفتي اختصاصيًّا متفانيًا في مجال السلامة والصحة المهنيتين، أقدّر جهود وزارة العمل القطرية الرامية إلى تطوير تشريعات ونُهُج جديدة ساهمت ولا تزال في تحسين مستوى معيشة العمال وسلامتهم، ودفعت أصحاب العمل إلى الارتقاء بمتطلبات السلامة والصحة. فضلًا عن ذلك، يُثبِت تعاون وزارة العمل مع قادة الجاليات العمالية والاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب أنها تثمّن الحوار الاجتماعي. هذه الجهود الحثيثة جديرة بالثناء وينبغي أن تستمرّ.

يشعر الاختصاصيون في مجال السلامة والصحة المهنيتين وقادة الجاليات العمالية بالالتزام والمسؤولية تجاه حماية صحة العمال وسلامتهم يوميًّا. وكلّي ثقة بقدرتنا على المساهمة بشكل ملحوظ في الحدّ من التهديدات والمخاطر وإنقاذ الأرواح وسُبُل العيش.