هجرة اليد العاملة في الدول العربية


عمالٌ في موقع إنشاءاتٍ بدولة قطر يركِّبون ألواحاً بلاستيكية (© منظمة العمل الدولية)
وفَّرت الهجرة إلى دول الخليج (البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) وبدرجةٍ أقل إلى الأردن ولبنان عدداً لا يحصى من فرص العمل ودرَّت مليارات الدولارات على شكل حوالاتٍ للعمال المهاجرين وعائلاتهم. وبلغ إجمالي الحوالات الصاردة من الدول العربية عام 2014 زهاء 109 مليارات دولار. وبهذه الطريقة، تغدو الهجرة مربحةً لكافة الأطراف من عمالٍ وأصحاب عمل ودول منشأ ومقصد لأنها تساعد في حل أزمة العجز الكبير في اليد العاملة لاسيما في الخليج. ومع ذلك، غالباً ما تخلق حالات الاستغلال التي تمارسها وكالات التوظيف وأصحاب العمل صعوباتٍ جمة بالنسبة للعمال وتنذر بتشويه سمعة أصحاب العمل وبلدان المقصد.

ويستند نظام التوظيف المطبَّق في معظم البلدان العربية على الدخول الحر نسبياً وتقييد الحقوق وصغر مدة العقد وتأشيرة الدخول. ويُعْرف هذا النظام باسم نظام الكفالة حيث غالباً ما يتحمل الكفيل (صاحب العمل) مسؤولية أفعال العامل المهاجر الذي يأتي به إلى البلاد ومسؤولية سلامته فضلاً عن تمتعه بصلاحية التحكم بحركة ذلك العامل وعمله. ويقيد ذلك عامةً قدرة العامل على تغيير صاحب العمل أو مغادرة البلاد إلا بموافقته. وفيما يرحب بعض أصحاب العمل بما يفرضه نظام الكفالة من مسؤولياتٍ عليهم فيعاملون العامل حسناً، يمكن أن يفضي الاختلال المتأصل في حقوق كل طرفٍ ومسؤولياته إلى وضعٍ يسمح باستغلال العامل. وقد أشارت "لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات" التابعة إلى منظمة العمل الدولية والمسؤولة عن تقييم مدى تطبيق معايير العمل الدولية إلى أن نظام الكفالة قد يساعد في خلق حالات عملٍ جبري، وحثت الحكومات المعنية على حماية العمال المهاجرين من الممارسات التعسفية.

يعمل العمال المهاجرون في الدول العربية في قطاعاتٍ متنوعة كقطاع النفط والغاز والزراعة والنقل والفنادق، إلا أن العدد الأكبر منهم يعمل في قطاع البناء وأيضاً في العمل المنزلي. والنسبة الأكبر من عمال هذين القطاعين متدنية المهارات وعرضةٌ لخطر الاستغلال من جانب وكالات التوظيف التي قد تتقاضى منهم رسوماً تعادل أجر عدة أشهرٍ ثمناً لتأشيرة الدخول وتذكرة الطائرة وغيرها من نفقات الاستقدام، وهو ما يشكل خرقاً للأعراف والمعايير الدولية التي تنادي بأن يتحمل صاحب العمل تكاليف الاستقدام.

وتتضمن القضايا والتحديات الأخرى التي تواجه العمال المهاجرين في المنطقة ما يلي:
  • رداءة ظروف العمل والمشاكل الكبيرة المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية إلى جانب ضعف تفتيش العمل أو حتى غيابه في قطاعاتٍ يكثر فيها العمال المهاجرون كالإنشاءات والعمل المنزلي.
  • انتشار التمييز ومنه اختلاف الحد الأدنى لأجور العمال المهاجرين من بلدانٍ مختلفة، والتمييز ضد العمال المنزليين بعدم اعتبارهم عمالاً في قوانين العمل.
  • محدودية إمكانية اللجوء إلى القضاء، وضعف آليات تسوية النزاعات وعدم كفايتها، وغياب برامج التعويض في الحالات التي يمكن فيها لأصحاب العمل عديمي الضمير الإفلات من العقاب.
  • محدودية الحرية النقابية أو انعدامها وعجز العمال المهاجرين عن التفاوض جماعياً.
تحرُّك منظمة العمل الدولية في الدول العربية

أقرت الدول العربية في إعلان الكويت الصادر عن الاجتماع الوزاري التشاوري الثالث لحوار أبوظبي1 بأجندة الهجرة العادلة التي وضعها المدير العام لمنظمة العمل الدولية. وتنفيذاً لهذه الأجندة، تعمل منظمة العمل الدولية مع الهيئات الثلاثية المكوِّنة لها على إدارة هجرة اليد العاملة ومعالجة أوجه العجز في فرص العمل اللائق المتاحة للعمال المهاجرين.

ويمكن تحقيق ذلك بتعزيز:
  • الحوار المنتظم، مثلاً أثناء انعقاد اجتماع الخبراء بين الأقاليم بشأن الهجرة العادلة.
  • بنود حماية العمال المهاجرين في مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية بين دول المنشأ والمقصد، ومنها توحيد عقود العمل بحيث تلتزم بمعايير العمل الدولية ولا تسمح بالتمييز في المعاملة بين العمال المهاجرين ذوي المهارات المتماثلة والجنسيات المختلفة.
  • الامتثال للأطر التشريعية والتنظيمية الخاصة بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمل التي وضعتها منظمة العمل الدولية، والمصادقة على كافة الاتفاقيات المتعلقة بالهجرة وذات الصلة بها، وضمان حماية قوانين العمل للعمال المهاجرين حمايةً شاملة ومنهم العمال المنزليون المهاجرون.
  • تحسين حوكمة هجرة اليد العاملة بمعالجة العناصر الاستغلالية في ظل نظام الكفالة.
  • ممارسات الاستقدام العادلة والأخلاقية، بما فيها ضمان دفع أصحاب العمل لرسوم الاستقدام وتكاليفه وليس العمال المهاجرون.
  • تقوية أنظمة رصد وتفتيش العمل، وخصوصاً في القطاعات الغنية باليد العاملة المهاجرة كالبناء والعمل المنزلي.
  • تحسين مقدرة العمال المهاجرين على اللجوء إلى القضاء، بما في ذلك آليات تسوية النزاعات بكفاءةٍ وفاعلية إلى جانب آليات التعويض، وفرض عقوباتٍ رادعة على من ينتهك حقوق العمال المهاجرين من أصحاب العمل.
  • تكليف أصحاب العمل بتحمل نفقات التأمين الصحي للعمال المهاجرين وبإتاحة المجال لهم للحصول على رعايةٍ طبية ملائمة ثقافياً وتوفيرها لهم عند الضرورة، بما في ذلك الرعاية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية وفحوص فيروس نقص المناعة البشرية غير الإلزامية.
  • الحرية النقابية للعمال المهاجرين وبناء قدرة النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني على زيادة انتشارها وتحسين ما تقدمه من خدماتٍ لهم.
  • خلق فرص عملٍ وإعمال الحق في العمل لمن هاجر قسراً/اللاجئين.
لمزيدٍ من المعلومات، يرجى الاتصال مع: هانز فان دي غليند، الخبير الإقليمي في الدول العربية في مجال الهجرة، هاتف: 009611752400، بريد الكتروني: vandeglind@ilo.org

1 حوار أبوظبي هو حوارٌ بين المناطق يجري بين الحكومات في آسيا وبلدان مجلس التعاون الخليجي. أطلقت الإمارات العربية المتحدة حوار أبوظبي عام 2008، وهو يُعقد بالتنسيق بينها وبين والكويت والفلبين. وتُنظَّم في إطاره اجتماعاتٌ سنوية لكبار المسؤولين. وقد عَقَد حتى الآن ثلاثة اجتماعاتٍ وزارية جرى آخرها في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 وشاركت فيه منظمة العمل الدولية.