:الانتقال نحو نظام حماية الأجور ٢.٠

التدابير المتّخذة مؤخّرًا في قطر لتعزيز حماية الأجور

مقالة | ١٤ سبتمبر, ٢٠٢٠
زادَ تحدّي حماية أجور العمّال المهاجرين حدّةً حول العالم جرّاء التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19. في حزيران/يونيو، أطلَقَ تحالفٌ عالمي مؤلّف من نقابات ومنظّمات من المجتمع المدني، نداءً موجّهًا إلى الحكومات داعيًا إيّاها إلى وضع آليّة للعدالة الانتقالية من أجل ضمان حصول المهاجرين على أجورهم المستحقّة. وفي أيّار/مايو، أطلقت حكومة سويسرا وحكومة المملكة المتّحدة نداءً للعمل بعنوان: "التحويلات المالية في ظلّ الأزمات: كيف نحافظ على تدفّقها؟"، هدفُهُ تسليط الضّوء على أهميّة التحويلات الماليّة بالنسبة إلى مئات الملايين من الناس.

منذ العام 2015، ألزَمَ نظام حماية الأجور أصحاب العمل الذين تسري عليهم أحكام قانون العمل تحويل أجور عمّالهم عبر المصارف، بطريقة قابلة للتتبّع من جانبِ وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. وقد سُجِّل أكثر من مليون و660 ألف عامل في نظام حماية الأجور من أصل مليون و710 آلاف من العمّال المؤهّلين (أي ما نسبته 96 في المئة). ساهمَ نظام حماية الأجور في سداد الأجور في مواعيدها كما سمحَ بحلّ النزاعات المتعلّقة بالأجور بطريقة أكثر شفافية.

في العام ٢٠١٩، طلبَت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية ومكتب مشروع منظّمة العمل الدولية في الدوحة إجراء تقييم شامل لنظام حماية الأجور جرى تنفيذه من قِبَل استشاري مستقلّ فشكلّ المراجعة الأولى لنظام حماية الأجور منذ إطلاقه ونُشِرَت على شبكة الإنترنت. تضمّنَ التقييم مجموعة توصيات ترمي إلى تحقيق الغاية المرجوّة من نظام حماية الأجور بشكل أفضل، عبر ضمان احترام الحقوق والمسؤوليات التي تُحدّدها التشريعات المتعلّقة بالعمل في دولة قطر.

يُعتبَر نظام حماية الأجور مفتاحًا لتطبيق الحدّ الأدنى غير التمييزي للأجور وإنفاذه. ويُحدِّدُ هذا الحدّ الأدنى الذي اعتمد مؤخرًا قيمة الأجر الأساسي وبدل السكن والغذاء علمًا أنّه سيدخل حيّز التّنفيذ في مطلع العام 2021.

تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على التغييرات التي اعتُمِدَت خلال السنة الفائتة والخطوات المقرّر اتّخاذها – بناءً على التوصيات التي خلصت إليها الدراسة المستقلّة. تشمل أبرز المستجدّات ما يلي:
  1. أصبحت وحدة نظام حماية الأجور قادرة على رصد مخالفات إضافية، بما في ذلك الدفعات التي تقلّ عن الحدّ الأدنى للأجور. أمّا ملفّ معلومات الرواتب الذي يقدّمه أصحاب العمل شهريًا والذي يتضمّن معلومات حول أجور كلّ من العمّال، فيجري تعديله لكي يشمل تفاصيل إضافيّة. فعبر إضافة خانات محدّدة لمخصّصات الغذاء والسكن وساعات العمل الإضافية (بدلًا من خانة واحدة لـما يسمّى بـ"الدخل الإضافي")، يمكن تحقيق مستوى أعلى من الوضوح والشفافية حول كيفية احتساب أجور العمّال. وسيكتسب ذلك أهمية مُضاعَفة عند دخول الحدّ الأدنى للأجور حيّز التنفيذ، حيث ستُحدَّد القيمة المالية الدنيا لمخصّصات الغذاء والسكن.
  2. يزداد الاعتماد على العقود الإلكترونية في دولة قطر، ويمكن لوحدة نظام حماية الأجور الاطّلاع على هذه العقود. ولا يتمّ توقيع العقود الإلكترونية في مراكز تأشيرات قطر في بلدان المنشأ فحسب، بل عند تجديد تصاريح الإقامة في قطر أيضًا. ويضمّ العقد الإلكتروني أقسامًا متعلّقة بالأجر ومخصّصات الغذاء والسكن.
  3. سرّعت وحدة نظام حماية الأجور إجراءاتها المتعلّقة بفرض الحظر على الشركات التي ترتكب مخالفات عبر منعها من تلقّي خدمات وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. في كانون الثاني/يناير 2020، فرضَت وحدة نظام حماية الأجور حظرًا على 588 شركة. وفي وقتٍ لاحقٍ من السنة، في ظلّ الإغلاق التام والقيود المفروضة نتيجة تفشّي جائحة كوفيد-19، تمّ رصد مخالفة المزيد من الشركات لنظام حماية الأجور، وفي حزيران/يونيو فرض الحظر على 8756 شركة.
  4. زاد عدد المخالفات المحالة إلى الشرطة لاتّخاذ الإجراءات اللّازمة بشأنها، كما يتمّ تعزيز التواصل مع وزارة الداخلية لضمان اتّخاذ التدابير بالسرعة اللازمة في ما يتعلّق بالقضايا ذات الأولوية. في العام 2019، سُجِّلَت 2318 إحالة من هذا القبيل.
  5. في آب/أغسطس 2020، زادت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية العقوبات المنصوص عليها في قانون العمل المفروضة على مَن يتخلّف عن سداد الأجور، وتحديدًا عقوبة السجن لمدّة سنة كحدّ أقصى والغرامة التي تبلغ 10000 ريال قطري كحدّ أقصى.
  6. يخضع مفتّشو العمل جميعهم لتدريب حول العمل الجبري والاتجار بالبشريشتمل على كيفية تحديد هذه الجرائم، وبعض المؤشّرات الواضحة على ذلك، مثل الامتناع عن سداد الأجور.
  7. يُنظَر أيضًا في اعتماد محفّزات ايجابية للذين يلتزمون بنظام حماية الأجور. ويجري تطوير مبادرة تجريبية في مجال المشتريات العامّة، تُصدِر وحدة نظام حماية الأجور بموجبها "شهادة امتثال" إلى المُقاوِلين كشرط مسبق يُمكّنهم من التقدّم بالعروض إلى أيّ زبون.
  8. لا يغطّي قانون العمل حاليًا العمّال المنزليين، وبالتالي فإنّ هؤلاء غير مشمولين في نظام حماية الأجور. ولكن استكمالًا لمبادرة وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية ومصرف قطر المركزي لتسهيل فتح الحسابات المصرفية للعمّال المنزليين (في ضوء الإجراءات المتّخذة لمنع انتشار وباء كوفيد-١٩) في وقت سابق من العام ٢٠٢٠، تجري نقاشات حاليًا حول إمكانية اعتماد آلية شبيهة بنظام حماية الأجور، تكون مُخصّصة للعمّال المنزليين. وتجري النقاشات في هذا الشأن مع المصرف المركزي والاتّحاد الدولي للعمّال المنزليين وشركة مختصّة بتطوير البرمجيات.
  9. طُلِبَ إجراء مراجعة حول الممارسات الدولية الجيّدة في مجال إصدار قسائم الدفع، ويجري حاليًا مراجعة النتائج كما سيُنظر في نماذج مختلفة لإصدار قسائم الدفع من أجل إطلاع العمّال على كيفية احتساب أجورهم بوضوح وشفافية.
  10. نُشِرَت مواد لرفع وعي الشركات حول كيفية التسجيل في نظام حماية الأجور والعمل جارٍ على إعداد مواد إضافية.
  11. أصبح بإمكان وحدة نظام حماية الأجور إعداد تقاريرها الخاصّة يوميًّا لرصد عدد المخالفات أو حالات الحظر بحقّ الشركات. وكانت الوحدة في السابق تعتمد على إدارة أخرى لتوفير مثل هذه المعلومات. وسيَستخدِم المكتب الاستراتيجي في إدارة تفتيش العمل هذه البيانات لتصميم حملة تفتيش حول حماية الأجور في العام ٢٠٢١ لمواكبة دخول التشريع المتعلّق بالحدّ الأدنى للأجور حيّز التنفيذ.
  12. نظرًا إلى الضغوط الإضافية التي تواجهها وحدة نظام حماية الأجور، سيخضع طاقم العمل فيها للتدريب في وقت لاحق من هذا العام، كما ستتمّ مراجعة الأنظمة لزيادة فعّاليتها.
يضطلعُ نظام حماية الأجور بدورٍ محوريٍّ في كشف المخالفات المتعلّقة بأجور العمّال المهاجرين ومعالجتها. وفيما يشكّل تسريع تنفيذ التوصيات التي تضمّنها التقرير المستقلّ مسارًا عمليًّا، لكنَّه بلا شكّ أولويّة بالنسبة إلى مشروع التعاون الفنّي بين وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية ومنظّمة العمل الدولية. ومن شأن ذلك أن يُساهِم، إلى جانب العناصر الأخرى التي يعنى بها هذا التعاون، في تحقيق الأهداف الأوسع نطاقًا المتمثّلة في ضمان وصول العمّال المهاجرين إلى العدالة وحصولهم على أجورهم المستحقّة، والحفاظ على تدفّق التحويلات الماليّة إلى ملايين الأُسَر التي تعتمد عليها.