حماية أضعف الفئات: لماذا تظل حماية حقوق العمال المهاجرين أولوية مهمة

الدكتورة ربا جرادات المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية تبحث في أهمية اليوم العالمي للمهاجرين لملايين العمال في الشرق الأوسط

بيان | ١٨ ديسمبر, ٢٠١٩
©م.ع.د/ليلى علاوي 
إن عالم العمل آخذ بالتغيير، لتتغير معه الحياة اليومية لملايين العمال المهاجرين في شتى أرجاء المعمورة.


وفي منطقتنا في الشرق الأوسط، ما زلنا نشهد تدفقات كبيرة من المهاجرين أو "العمال الوافدين المؤقتين" كما يُطلق عليهم في كثير من دول المنطقة. وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أنه يوجد في دول الخليج وحدها 23 مليون عامل مهاجر. وتبين البحوث أن زهاء 4 ملايين منهم يمكن أن يكونوا عمالاً منزليين (ونصفهم تقريباً من النساء).

ومع ذلك، يُرجَّح أن يسفر مستقبل العمل عن تغييرات عديدة في هذه الأنماط والخبرات. واستراتيجيات التوطين التي تعزز توظيف المواطنين فضلاً عن التقدم التكنولوجي وتغير الطلب في سوق العمل تؤثر على القطاعات التي تحتاج إلى عمال مهاجرين. وفي حين أن السواد الأعظم من العمال المهاجرين في المنطقة يأتون من آسيا، وخاصة جنوبها، ثمة ازدياد في حركة اليد العاملة من مجموعة من البلدان الأفريقية. كما سيزداد أكثر فأكثر اعتماد مُسني المنطقة على العمال (المقيمين في المنازل) ومعظمهم من العمال المهاجرين.

ومنذ أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة  الاتفاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والنظامية والمنظَّمة  قبل عام واحد، حيث صوتت 152 دولة عضو في الأمم المتحدة لصالحه، نادراً ما لم تتناول العناوين الرئيسية موضوع الهجرة. ومع ذلك، غالباً ما كان الخطاب مفرط التبسيط، كما كان أحياناً مستفزاً تقوده المخاوف والتحامل أكثر منه الأدلة الدامغة. وثمة حاجة ماسة إلى إجراء مناقشة أدق لهجرة اليد العاملة وسبل تأثرها بمستقبل العمل. وقد طاب لمنظمة العمل الدولية الإسهام في هذا الحوار كجزء من جلسة النقاش رفيعة المستوى حول مستقبل العمل أثناء المشاورة الوزارية الخامسة لحوار أبوظبي في تشرين الأول/أكتوبر.

وعلى الرغم من سلبية الخطاب، لا يزال المهاجرون يقدمون مساهمات كبيرة إلى مجتمعاتهم. ويمكنهم فعل أكثر من ذلك بكثير عندما يصبحون متمكنين وقادرين على التفاوض على قدم المساواة مع أصحاب عملهم بدعم من التغطية الكاملة لقانون العمل.
وعلى الرغم من التقدم الكبير المحرز في المنطقة، ومنه تعديل أنظمة الكفالة وحوكمة العمل المنزلي، لا يزال العمال ذوو الأجور المتدنية، ولا سيما العمال المنزليون، يواجهون تحديات في الحصول على حقوقهم من أصحاب عملهم. وقدرتهم على ترك صاحب العمل دون أن يصبح وضعهم غير قانوني، أو في بعض الحالات إنهاء عقد العمل ومغادرة البلاد، دون إذن من صاحب العمل محدودة. وإعادة التوازن للعلاقة بين أصحاب العمل والعمال ستستغرق وقتاً طويلاً، ولكن التشريعات التي تتفق ومعايير العمالة الدولية وإجراءات التطبيق القوية والحملات الإعلامية الحكومية كلها عناصر مهمة في تحقيق هذا الهدف.

لذا، وخلال هذا اليوم العالمي للمهاجرين، دعونا نفكر من جديد ونقدر ما يقدمه العمال المهاجرون من إسهامات إلى الحياة اليومية لكل واحد فينا، ونعترف بأنه مهما كان شكل مستقبل العمل فإن هدف حماية أضعف الفئات في قوتنا العاملة ينبغي أن يبقى أولوية قصوى.