العمل اللائق

عاملات في الأردن يعانين من اللامساواة في الأجر والتمييز في العمل

لا تزال اللامساواة في الأجر مشكلة مستعصية عالميا، إذ تتقاضى النساء في جميع المناطق أجورًا أقل من الرجال، وتقدر فجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي بنسبة 23% على مستوى العالم. يظهر هذا التقرير معاناة النساء في الأردن من التمييز في الأجور.

خبر | ١٧ سبتمبر, ٢٠٢١



تعمل نهى معلمة لغة عربية في مدرسة خاصة في العاصمة الأردنية، عمّان، منذ أكثر من 20 عاما، وتتقاضى راتبا شهريا يعادل ما يحصل عليه زميلها الذي يدرّس نفس المرحلة العمرية ويملك خبرة مهنية لا تتجاوز 4 سنوات.
وتقول نهى (50 عاما)، التي تتقاضى شهريا 750 دينارا أردنيا مقابل تدريسها طلبة الصف الثامن، "إن المعلمين في المدرسة يحصلون دائما على رواتب أعلى من رواتب المعلمات ... بنحو 100-150 دينار".

"حتى لو عمل معلم في تدريس البنات، فسيحصل على راتب أعلى من راتب معلمة في نفس المجال، بغض النظر عن خبرته،" تضيف نهى، التي تقطن وأسرتها في شقة مستأجرة في عمّان، وتسهم في إعالة أطفالها الـ 4 في غياب عمل ثابت لزوجها.

"أرى في ذلك تمييزا واضحا ضد المعلمات،" تقول نهى، مضيفة ان الرجل يتقاضى غالبا أجرا أعلى إذ ينظر إليه انه المعيل الرئيسي، أما دخل المرأة فهو ثانوي.

"أعتقد ان فكرة حصر إعالة المنزل ضمن مسؤوليات الرجل خاطئة،" تبين المعلمة.
 
حقائق: اتفاقية منظمة العمل الدولية للمساواة في الأجر، 1951 (رقم 100)
يشمل الأجر الراتب العادي، الأساسي، أو الأدنى، إضافة إلى جميع التعويضات الأخرى المدفوعة من قبل صاحب/صاحبة العمل للعامل/العاملة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نقدا أو عينا، لقاء العمل، بدون تمييز على أساس الجنس. تشير عبارة "المساواة في الأجر لدي تساوي قيمة العمل" إلي معدلات الأجور المحددة دون تمييز بسبب اختلاف الجنس.
1. أجر متساو للذكور والإناث عن عمل ذي قيمة متساوية: نسبة ونوع الأجر تعتمدان على تقييم موضوعي للعمل ولوظائف قد تتطلب مؤهلات، مهارات، أو مسؤوليات مختلفة في ظروف عمل متساوية القيمة في المجمل.
2. أجر متساو للذكور والإناث عن عمل متساو: أجر عن عمل يتطلب المهارات، الجهد، والمسؤوليات ذاتها في ظروف عمل واحدة.


في تقرير نشر عام 2021، تقول منظمة العمل الدولية إن فجوة الأجور تختلف في القطاعين الخاص والعام في الأردن، إذ تشير تقديرات إلى أن عاملي القطاع الخاص يتقاضون أجورا أعلى من العاملات بنسبة 7%، بينما تتقاضى العاملات في القطاع العام أجوراً أعلى في المتوسط 13% من العاملين.

البنك الدولي قدر عام 2020 فجوة الأجور بين العاملين والعاملات في القطاع الخاص الأردني بنحو 17%، بالرغم من تماثل المهن، الخبرة، والتحصيل العلمي لهؤلاء النساء والرجال.

"تمييز من نوع آخر"

إسراء ممرضة في مستشفى خاص في عمّان منذ 18 عاما، وتحمل شهادة الدبلوم في تخصص التمريض، وتقول انها ليست معترضة على حقيقة ان بعض الممرضين، الذين يملكون خبرات أقل منها ويقومون بنفس مهامها، يتقاضون رواتب أعلى لأنهم يحملون شهادات جامعية تؤهلهم لهذا.
"أواجه تمييزا من نوع آخر. يوكل المستشفى مهاما إضافية لممرضين تؤهلهم للحصول على مكافآت وعلاوات، ويستثني الممرضات من هذا العمل،" تبين إسراء (39 عاما).

تسهم الممرضة بصورة أساسية في إعالة 3 أبناء بعد انفصالها عن زوجها، وتسدد أقساط قرض بنكي، فلا يتبقى من راتبها الشهري، البالغ 650 دينارا، إلا 70 دينارا.

وتضيف: "هذه المهام المسندة إلى هؤلاء الممرضين تشمل العمل في مناوبات ليلية، مما يزيد دخلهم، إضافة إلى تقاضيهم علاوة خطورة عمل."

"يستطيع الممرضون أيضا العمل في التمريض المنزلي، فيحصلون على 50 دينار مقابل المهمة الواحدة. يتولى الذكور عادة مهام التمريض المنزلي، حتى لو شملت العناية بمريضات،" تشرح إسراء.

المحامية، نور الإمام، المتخصصة في حقوق الإنسان، تقول إن قانون العمل عالج قضية الإنصاف في الأجور عبر الاعتراف بها ووضع عقوبات ضد أصحاب/صاحبات العمل في حال ارتكاب مخالفات.

"لكن تبقى مسألة التنفيذ ... ينبغي زيادة فرق التفتيش وإيجاد مسار لشكاوى العمال والعاملات أمام جهة مختصة، إضافة إلى مسار القضاء،" تضيف الإمام.

ويؤكد الناطق باسم وزارة العمل، محمد الصالح، ان فرق التفتيش في الوزارة "تقوم بالرقابة على أجور العاملين والعاملات وضمان عدم التمييز من قبل أصحاب/صاحبات العمل".
 
حقائق: المادة 53 من قانون العمل الأردني
يعاقب صاحب العمل بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1,000 دينار عن كل حالة يدفع فيها إلى عامل ً أجرا يقل عن الحد الأدنى للأجور أو عن أي تمييز بالأجر بين الجنسين للعمل ذي القيمة المتساوية وذلك إضافة إلى الحكم للعامل بفرق الأجر وتضاعف العقوبة كلما تكررت المخالفة.


مشكلة عالمية مستعصية

في عام 2011، أسس الأردن، بدعم من منظمة العمل الدولية، اللجنة الأردنية للإنصاف في الأجور برئاسة مشتركة بين اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة ووزارة العمل بهدف معالجة الفجوة في الأجور القائمة على النوع الاجتماعي عبر سياسات وممارسات فعالة. وتشمل اللجنة في عضويتها 22 مؤسسة تمثل الحكومة، العمال/العاملات، المجتمع المدني، أصحاب/صاحبات العمل، السلطة التشريعية، والإعلام.
والأردن عضو في التحالف الدولي للمساواة في الأجر منذ إطلاقه خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017، وأقر آليات لدفع الأجور إلكترونيا من أجل حماية حقوق معلمات/معلمات المدارس الخاصة، فيما تسعى منظمة العمل الدولية وشركاؤها الاجتماعيون عبر مقترحات لتعديل قانون العمل إلى إلزام جميع أصحاب/صاحبات العمل بدفع الأجور رقميا.
حقائق: المساواة في الأجر
غالبًا ما تقيّم اللامساواة في الأجر على أساس النوع الاجتماعي من خلال مؤشر يعرف بفجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي. تقيس الفجوة متوسط دخل الرجل والمرأة كنسبة مئوية من دخل الرجل. مثلا، إذا كان متوسط دخل المرأة شهريا 70% من دخل الرجل الشهري، فإن فجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي تبلغ 30 نقطة مئوية. يمكن أن تشير هذه الفجوة إلى الاختلافات في دخل الرجل والمرأة في الساعة، الأسبوع، الشهر، أو السنة. عادة تكون الفجوة في الساعة أصغر من فجوات الأجور الأسبوعية، الشهرية، والسنوية لأن المرأة تميل إلى الانخراط في العمل مدفوع الأجر لساعات أقل من الرجل، إذ تتحمل النساء مسؤوليات أسرية ومنزلية أكبر. لذلك، مثلا، تقل فرص تلقي المرأة أجر مقابل عمل إضافي، وقد تشكل القيود القانونية المفروضة على عمل المرأة لساعات إضافية أو ليلاً عاملاً أيضًا. وتفسر عوامل مختلفة فجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاختلافات في التعليم، الخبرة، والتفرقة الوظيفية. وتختلف الأهمية النسبية لهذه العوامل باختلاف البلدان ومع الوقت.


المنتدى العالمي الاقتصادي، وجد في عام 2021 ان الأردن كان من ضمن دول نجحت رأب فجوة المشاركة والفرص الاقتصادية بنحو نقطة مئوية واحدة على الأقل. ومع ذلك، تبين دائرة الإحصاءات العامة ان معدل البطالة في الربع 4 من عام 2020 بلغ 24.7% (ذكور 22.6%، إناث 32.8%)، مسجلا ارتفاعا 5.7 نقطة مئوية مقارنة بالربع 4 من عام 2019، وهذا في ظل مشاركة منخفضة للمرأة في القوى العاملة (14%)، مقارنة بالرجل (54%).

لكن لا تزال اللامساواة في الأجر مشكلة مستعصية عالميا، إذ تتقاضى النساء في جميع المناطق أجورًا أقل من الرجال، وتقدر فجوة الأجور القائمة على النوع الاجتماعي بنسبة 23% على مستوى العالم. علاقات القوة التاريخية والهيكلية غير المتكافئة بين المرأة والرجل، الفقر، عدم المساواة، والحرمان من الوصول إلى الموارد والفرص تستمر في الحد من قدرات المرأة.

ويسير التقدم في تضييق هذه الفجوة ببطء، في ظل صعوبة التطبيق العملي للمساواة في الأجور بين الرجال والنساء بالرغم من تأييدها على نطاق واسع، ودعوات لجعلها أولوية ضمن التعافي من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي فاقمت المشكلات التي تواجه المرأة.

للمزيد من المعلومات الرجاء الاتصال:
ريم أصلان
مسؤولة برنامج العمل اللائق للمرأة
المكتب الاقليمي للمنطقة العربية
منظمة العمل الدولية

بريد إلكتروني: aslan@ilo.org