تقرير عالم العمل 2013 : تعود الأرباح لكنها تفشل في تعزيز الاقتصاد الحقيقي في كثير من الدول المتقدمة

استعادت الربحية معدلات ما قبل الأزمة في العديد من الدول، بيد أن الاستثمار لا يزال دون مستويات ما قبل الأزمة في الاقتصادات الأكثر تقدماً.

خبر | ٠٣ يونيو, ٢٠١٣
للاتصال: فرح دخل الله، المسؤولة الإقليمية للإعلام، المكتب الإقليمي للدول العربية،(البريد الإلكتروني) dakhlallah@ilo.org (الهاتف) 752400-01 رقم التحويل 117 (الخليوي) 505958-71
بيروت (أخبار م. ع. د) – يشير تقرير عالم العمل 2013 لمنظمة العمل الدولية إلى أن الفشل في تحويل الأرباح إلى استثمار يؤخر انتعاش فرص العمل في الاقتصادات المتقدمة.

ويخلص التقرير إلى أن الاقتصادات المتقدمة ساهمت في ما يزيد قليلاً عن ثلث الاستثمارات العالمية في عام 2012، مقارنة بأكثر من 60 في المائة في عام 2000. وفي الوقت نفسه، لا يزال نمو فرص العمل في هذه الدول ضعيفاً، وتبقى مستويات التوظيف فيها دون مستويات ما قبل الأزمة.

وبالمقابل، شكلت الاقتصادات الناشئة نحو 47 في المائة من الاستثمارات العالمية في عام 2012، مقارنة مع 27 في المائة فقط في عام 2000. ونما التوظيف بنحو 7 في المائة في المتوسط بين عامي 2007 و2012.
 
توزيع الاستثمارات العالمية حسب مجموعات الدول والاقتصادات الكبرى، 2000، 2007 و 2012
المصدر: تقديرات المعهد الدولي لدراسات العمل تعتمد على آفاق الاقتصاد العالمي لصندوق النقد الدولي
وعالمياً، تراجع الاستثمار نقطة مئوية واحدة عن مستويات ما قبل الأزمة. أما في الاقتصادات المتقدمة، فقد تراجع ثلاث نقاط مئوية عن مستويات ما قبل الأزمة.

يقول ريمون تورس، مدير المعهد الدولي لدراسات العمل في منظمة العمل الدولية: "هناك علاقة واضحة بين الاستثمار والتوظيف. وتحسين النشاط الاستثماري أمر أساسي لتمكين الشركات من الاستفادة من الفرص الجديدة والتوسع وتعيين موظفين جدد."
 

تعود الأرباح مرة أخرى لكنها تنتظر من يستثمرها

ازدادت حصة الأرباح من الاقتصاد الكلي بمقدار 3.4 نقطة مئوية لدى فئات الدخل المتوسط في دول مجموعة العشرين، وبمقدار 2.2 نقطة مئوية لدى فئات الدخل المرتفع في هذه المجموعة. وعلى الرغم من هذه الزيادة، انخفض الاستثمار لدى فئات الدخل المرتفع في دول مجموعة العشرين بمقدار 3.6 نقطة مئوية في الفترة نفسها.

ينعكس ارتفاع هوامش الربح أيضاً على مؤشرات أسواق الأسهم العالمية، التي اقتربت عدة مرات من مستويات تاريخية أو تجاوزتها. ولقد تضاعفت مؤشرات أسواق الأسهم العالمية عن المستوى الأدنى الذي وصلت إليه أوائل عام 2009.

وعلى مستوى المؤسسة، زادت معدلات أرباح الشركات الكبيرة منذ عام 2008 وهي الآن توازي معدلات الفترة 2004-2007. ولكن بدلاً من توظيف هذه الأرباح المتزايدة في استثمارات إنتاجية في الاقتصاد الحقيقي، جرى تحويلها في كثير من الأحيان إلى أرصدة نقدية.
 
تغييرات في حصص الأرباح وإجمالي الاستثمارات بين 2000 و2010/2011 (نقطة مئوية)
المصدر: تقديرات المعهد الدولي لدراسات العمل تعتمد على الحسابات الوطنية
فقد زاد إجمالي الأرصدة النقدية للشركات المدرجة في البورصة في الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية مجتمعة، من 2.3 تريليون دولار أمريكي عام 2000 إلى 5.2 تريليون عام 2008. واستمر في الارتفاع مرة أخرى أثناء الأزمة، حيث بلغ 6.5 تريليون دولار في عام 2011.
 
الموجودات النقدية فيما بين الشركات المدرجة في البورصة
تُستثنى الشركات المالية - المصدر: تقديرات المعهد الدولي لدراسات العمل على أساس انظمة الابحاث
ولم تنجح الشركات الصغيرة بالدرجة نفسها، إذ انخفضت أرباحها بنسبة تتجاوز 40 في المائة عن المتوسط الذي حققته بين عامي 2004 و2007.
 
هوامش الربح في الشركات الكبيرة مقابل الصغيرة (٪)
تُستثنى الشركات المالية - المصدر: تقديرات المعهد الدولي لدراسات العمل على أساس انظمة الابحاث
وقال تورس: "لقد حصل استقطاب متزايد بين الشركات الصغيرة والأكبر من حيث الربحية، مع استمرار الأولى في مواجهة التحديات، وهذا مصدر قلق خاص لأن الشركات الصغيرة والمتوسطة تسهم عادة بخلق نسبة كبيرة من فرص العمل الجديدة."
 

الطلب والقروض أساسيان للاستثمار

يشكل انخفاض القدرة على الحصول على القروض، وخاصة في الشركات الصغيرة، عائقاً رئيسياً أمام الاستثمار. ويخلص التقرير إلى أن "الشركات المقيدة مالياً لا تستثمر سوى نصف الأصول التي تستثمرها الشركات غير المقيدة، ما يؤثر سلباً على فرص العمل الجديدة". ولا يزال كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة يشتكي من تشديد شروط منح القروض.
 
نمو الاستخدام في شركات مقيدة مالياً مقابل غير المقيدة (٪)
المصدر: تقديرات المعهد الدولي لدراسات العمل على أساس انظمة الابحاث
ويشير التقرير إلى عائق آخر أمام الاستثمار هو نقص الطلب الكلي على السلع والخدمات، فضلاً عن انخفاض الثقة في المستقبل الاقتصادي.
 

زيادة رواتب المديرين التنفيذيين

أظهرت رواتب المديرين التنفيذيين في الشركات الكبيرة مرونة أثناء الأزمة. ففي الدول التي تتوافر بيانات عنها، عادت هذه الرواتب إلى مستويات ما قبل الركود وتجاوزتها في بعض الحالات.

وفي ألمانيا وهونغ كونغ، على سبيل المثال، نما متوسط رواتب المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى بنسبة تزيد على 25 في المائة بين عامي 2007 و2011. ونتيجة لذلك، ازدادت نسبة رواتب المدراء التنفيذيين إلى متوسط الرواتب في الاقتصاد من 155 إلى 190 في ألمانيا ومن 135 إلى نحو 150 في هونغ كونغ. وفي عام 2011، بلغ متوسط رواتب كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى في الولايات المتحدة أكثر من 508 أضعاف راتب العامل الأميركي العادي.

تشكل المكافآت قصيرة الأجل، في الشركات الكبرى التي شملتها الدراسة، أكثر من ثلث مجموع التعويضات في المتوسط - وأكثر من الثلثين عندما تجمع مع تعويضات الأسهم.
 

الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي

يشدد التقرير على ضرورة إعادة التركيز على الاقتصاد الحقيقي، ويدعو إلى اتخاذ تدابير تحدّ من عدم اليقين الاقتصادي وتشجّع الاستثمار - مما يخلق آثاراً إيجابية على الطلب الكلي وفرص العمل الجديدة.
ويشير التقرير الى أمثلة مختلفة على تدابير استعادة نمو الاستثمار، مثل:
  • حصول الأرباح المستخدمة في استثمار منتج على معاملة ضريبية أفضل.
  • الاستثمار الحكومي في البنية التحتية والبحث والتطوير والمشاريع "الخضراء"، من أجل زيادة استثمارات القطاع الخاص. ويتضح ذلك من الاتجاهات الحديثة في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية والصين وجمهورية كوريا.
  • تحسين الأنظمة المالية بحيث تتوفر القروض للمشاريع القابلة للحياة، لاسيما الشركات الصغيرة والمتوسطة الغنية بالوظائف. ويمكن أن يتخذ ذلك أشكالاً مختلفة، بدءاً ببنوك التنمية كما هو الحال في البرازيل مثلاً وانتهاء بتحسين التنظيم المالي للبنوك التجارية كما هو الحال في استراليا وتركيا.
  • إدخال تحسينات على حوكمة الشركات، بما في ذلك مواءمة رواتب المدراء التنفيذيين مع مخاوف الإنصاف والكفاءة. وقد أعلن الاتحاد الأوروبي وسويسرا مؤخراً عن إصلاحات في هذا الاتجاه.
ويدعو التقرير أيضاً إلى زيادة عاجلة في تقديم القروض إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر برامج ضمانات القروض وتخصيص التمويل وغيرها من الوسائل.