عالقون في الفخ: الإجحاف بحقّ العمّال المهاجرين في الشرق الأوسط

تظهر منظمة العمل الدولية كيف يقع في فخ العمل الجبري حوالى 600000 عامل مهاجر في الشرق الأوسط في المؤتمر الإقليمي الثلاثي الأوّل من نوعه بشأن الإتجار بالبشر.

خبر | ٠٩ أبريل, ٢٠١٣
للاتصال: فرح دخل الله، المسؤولة الإقليمية للإعلام، المكتب الإقليمي للدول العربية،(البريد الإلكتروني) dakhlallah@ilo.org (الهاتف) 752400-01 رقم التحويل 117 (الخليوي) 505958-71
عمان (أخبار م.ع.د.) - أعدّت منظمة العمل الدولية دراسة تعرض فيها للمرّة الأولى لمحة عن المصاعب التي يعاني منها العمّال القادمون من بعض أكثر الدول فقراً في العالم وتنظر في الحواجز التي تعيق حماية حقوق هؤلاء العمال في العمل في الشرق الأوسط.

وتعرض منظمة العمل الدولية خلاصات الدراسة المعنونة "عالقون في الفخ: الاتجار بالبشر في الشرق الأوسط " على أكثر من 100 مشارك من اثني عشرة دولة عربية خلال المؤتمر الإقليمي المنعقد في عمان نهاري الثلاثاء والأربعاء (9-10 نيسان/أبريل). كما يتخلّل الاجتماع المزيد من النقاشات بشأن كيفية تطبيق الالتزامات بمكافحة الإتجار في منطقة تسجّل أعلى نسب من العمّال المهاجرين في العالم.

التقرير
تستند الدراسة إلى أكثر من 650 مقابلة أجريت على مرّ سنتين في الأردن ولبنان والكويت والإمارات العربية المتحدة، وهي تسلّط الضوء على وضع العمّال الراشدين الذين يقعون ضحايا الإتجار في الشرق الأوسط وعلى الأساليب المستعملة لإخداعهم وايقاعهم في فخ العمل الجبري والاستغلال الجنسي، اضافة للعوائق التي تمنعهم من مغادرة العمل.

كما تنظر الدراسة في آليات التصدي إلى الإتجار بالبشر التي تمّ وضعها مؤخراً من جانب بعض الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمّال وغيرها من الجهات المعنيّة. وتقدّم الدراسة إلى صنّاع السياسات في المنطقة توصيات لمساعدتهم على التصدّي لهذه الظاهرة في شكل ناجع.

تستضيف بلدان الشرق الأوسط ملايين العمّال المهاجرين الذين تفوق أعدادهم أحياناً عدد العمّال الوطنيين في شكل ملحوظ. ففي قطر مثلاً، يُمثّل العمّال المهاجرون 94 في المائة من العمّال، في حين تسجّل المملكة العربية السعودية نسبةً تفوق الـ50 في المائة. وفي الأردن ولبنان، يُمثّل العمّال المهاجرون قسماً كبيراً من القوة العاملة لا سيّما في قطاعي البناء والعمل المنزلي.

وبحسب مديرة برنامج العمل الخاص لمكافحة العمل الجبري التابع لمنظمة العمل الدولية، بياته أندريس، "إنّ هجرة اليد العاملة في هذه المنطقة من العالم ظاهرة فريدة من نوعها من حيث حجمها الهائل ونموّها المتسارع خلال السنوات الأخيرة. ويكمن التحدّي القائم حالياً في الطريقة الواجب اعتمادها في بلدان المنشأ وبلدان المقصد على حدّ سواء من أجل منع الاستغلال والاعتداء على هؤلاء العمّال".

وعلى الرغم من عدم توفّر البيانات الكافية، بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية يضمّ الشرق الأوسط حوالى 600000 عامل ضحية العمل الجبري.

استغلال الكفالة
يشير التقرير إلى أنّ نظام الكفالة – الذي ينظم حياة معظم العمال المهاجرين في المشرق وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي- يشكّل "إشكالية بحدّ ذاتها" لأنّه يكرّس دينامية قوى غير متساوية ما بين صاحب العمل والعامل.

ويبيّن التقرير العجز في نطاق تغطية قانون العمل الذي "يعزز نقاط الضعف الأساسية التي يُعاني منها العمّال المهاجرون "إلى جانب الثغرات الهائلة في التشريعات الوطنية التي "تحدّ من قدرة العمال المهاجرين على تنظيم وإنهاء عقود عملهم أو على تغيير أصحاب العمل."

وفي هذا السياق، تشير الدراسة إلى غياب إجراءات التفتيش الذي يُبقي على "عزلة العمّال المنزليين في المنازل الخاصة" ويزيد من إمكانية تعرّضهم للاستغلال. كما تشدّد الدراسة على المخاطر "الحقيقية" الكامنة في اعتقال وترحيل العمّال الذين انخرطوا بالإكراه في العمل في مجال الجنس في قطاع الترفيه.

أمّا في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل البناء والصناعة والملاحة البحرية والزراعة، فغالباً ما يتمّ خداع العمّال بشأن شروط وظروف العمل والمعيشة وحيال نوع العمل المطلوب أداءه أو حتّى حيال توفّر هذا العمل في الأصل.

بصيصٌ من الأمل
ينوه التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية بأنّ الحكومات والشركاء الإجتماعيون وفعاليات المجتمع المدني قد كثّفوا الجهود من أجل مكافحة العمل الجبري والإتجار بالبشر خلال الأعوام الأخيرة، لا سيّما على مستوى التشريع والسياسات وتقديم الخدمات.

ولكن لا تزال مواطن الضعف قائمة على مستوى تطبيق القوانين ومحاكمة وإدانة مرتكبي الإتجار بالبشر. ولا يزال غياب الحقّ في حرية تشكيل الجمعيات في عدد كبير من البلدان العربية العائق الأساسي أمام تعزيز قدرة العمّال على إيصال مطالبهم.

من جهته، قال نائب مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية، السيد فرانك هايغمان إنّه "ليس من الممكن التصدّي للإتجار بالبشر سوى من خلال معالجة الثغرات المنهجية في إدارة هجرة اليد العاملة في المنطقة."

إصلاح نظام الكفالة
من شأن إصلاح نظام الكفالة أن يحسّن في شكل ملحوظ إدارة هجرة اليد العاملة على هذا المستوى.

وفي هذا الصدد، يقترح التقرير تمكين وزارات العمل كبديل قابل للتطبيق لنظام الكفالة حيث تزداد قدرة وزارات العمل على الإشراف على عمليات الاستقدام والتعامل مع شكاوى المهاجرين وأصحاب العمل والتأكّد من صحّة ادعاءات سوء المعاملة ومن ثمّ الاستجابة إليها حسب الاقتضاء.

كما يسلّط التقرير الضوء على الحاجة إلى توسيع نطاق التغطية القانونية والحقوق المتساوية ليطال جميع فئات العمال ومراجعة عقود الاستخدام النموذجية والقضاء على التمييز في الأجور وتحسين نظم التوظيف وتدعيم الإطار التشريعي وتعزيز تفتيش العمل.

من جهة أخرى، تضطلع السلطات الحكومية بدور مهمّ في ضمان تحقيق العدالة لضحايا الإتجار وحصولهم على التعويضات، كما تلعب النقابات العمالية دوراً مهماً في مناصرة حقوق العمّال. أمّا دور منظمات أصحاب العمل، فيكمن في المساعدة على ضمان خلوّ ممارسات التوظيف من ظاهرة العمل سداداً للدين ورسوم التوظيف الباهظة وغيرها من أشكال الخداع والإكراه.