بناء جسور: مهرجان سبل العيش يعزز الروابط بين اللاجئين السوريين والمجتمعات الأردنية المضيفة

مقالة تحليلية | ٠٩ ديسمبر, ٢٠١٥


الرمثا، شمالي الأردن (أخبار م.ع.د) - أجبر النزاعُ الدائر في سوريا مئات الآلاف على الفرار إلى الأردن البلد المجاور. وفيما شهدت مدنٌ كثيرة تدفقاً كبيراً للاجئين، كانت الرمثا المدينة الأردنية القريبة من الحدود الشمالية مع سوريا من بين الأكثر تضرراً، إذ تشير التقديرات إلى أن عدد سكانها قد تضاعف منذ اندلاع الأزمة في سوريا في عام 2011 وباتت الآن تضم أكثر من 40 ألف لاجئٍ سوري، معظمهم فقد مصدر رزقه عندما أصبح لاجئاً.

فرَّت أم قاسم من مدينة درعا السورية مع زوجها وأبنائها الأربعة والتجأت إلى الرمثا في مرحلةٍ مبكرة من الأزمة. وهي الآن تواجه صعوبةً في تغطية نفقات أسرتها. فقد أُصيب زوجها أثناء أعمال العنف التي اجتاحت سوريا، ولم يعد بمقدوره العمل. وغدت أم قاسم الآن المعيل الوحيد لأسرتها.

وقالت أم قاسم وهي تجلس في شقتها المستأجرة المتواضعة: "أحاول أن أعيل أطفالي بصنع أشياء منزلية. فأنا أحيك الثياب وأفعل أي شيءٍ كي أسدد الإيجار ونفقات الحياة اليومية".

لقد وضع وصول نحو 630 ألف لاجئٍ سوري إلى الأردن ضغوطاً هائلة على المجتمعات المحلية المضيفة التي تكافح هي الأخرى. فأم محمد الأم الأردنية لستة أطفالٍ هي المعيلة الوحيدة لأسرتها تماماً كأم قاسم. وهي تطرز الملابس التقليدية وتبيعها محلياً، بيد أنها تقول إن ما تجنيه من نقودٍ لا يكفي.

لكن بفضل مهرجانٍ أُقيم على مدار يومين في الرمثا بدعمٍ من منظمة العمل الدولية وهدَف إلى الترويج للأعمال المنزلية، يحدو أم محمد الأمل في أن تتمكن من توسيع تجارتها الصغيرة باستقطاب زبائن جدد. وقد قالت قبيل المهرجان: "أنا أعمل في مجال التطريز كي أعيل أسرتي لعدم وجود أي مصدرٍ آخر لكسب رزقنا. وآمل أن يساعدني المهرجان في الحصول على دخلٍ جيد لأسرتي في المستقبل".

ويقدم المهرجان الذي نظمته نقابة المهندسين الزراعيين الأردنيين للأسر الأردنية والسورية المكافِحة فرصةً للحصول على دخلٍ بتسليط الضوء على منتجاتها المنزلية وبيعها. وقال خالد بشابشه من النقابة: "هدفنا هو مساعدتهم في الوصول إلى مكانٍ ملائم لتسويق منتجاتهم. هذا هو هدفنا، والأرباح ستذهب إلى المشاركين".

وحصل المهرجان على دعمٍ من مشروعٍ لمنظمة العمل الدولية في الأردن بعنوان "تعزيز فرص العمل وسبل العيش في المجتمعات المضيفة". وهو واحدٌ من سلسلة فعالياتٍ مماثلة تدعمها منظمة العمل الدولية في إطار ما تبذله من جهودٍ تعزيزاً لفرص العمل وسبل كسب العيش في المجتمعات التي تناضل لتتعامل مع تدفق أعدادٍ ضخمة من اللاجئين إلى المنطقة.

وقالت مها قطاع منسقة شؤون اللاجئين السوريين في منظمة العمل الدولية في الأردن: "يُعتبر هذا المهرجان جزءاً من أنشطةٍ أخرى تنفذها منظمة لعمل الدولية، لعل أهمها وضع خطةٍ للتنمية الاقتصادية المحلية تتضمن عدداً من المشاريع، ومنها مشروعٌ لتعزيز المهرجانات الزراعية يهدف أيضاً إلى جمع المجتمعات المحلية واللاجئين معاً".

هرع السكان المحليون إلى خيمة المهرجان لمشاهدة المنتجات الأردنية والسورية المنزلية التي تضمنت أطباقاً وأنواعاً مختلفة من الصابون وثياباً تقليدية وفنوناً وحرفاً. وقالت أم محمد من سوريا إنها أمضت أياماً وهي تعد أنواع الصابون والكريم لعرضها في المهرجان: "أهم شيء هو شعورك بأنك منتِج".

وبينما هدَف المهرجان إلى استعادة وتحسين سبل عيش المحتاجين، أفاد كثيرٌ من المشاركين بأن المهرجان كان منصةً لإلقاء الضوء على أوجه الشبه بين الثقافتين الأردنية والسورية، وفرصةً للتعلم من خبرات الآخرين.

وقال ياسر حداد أحد زوار المهرجان: " المهرجان عظيم، وأجمل ما فيه هو أنه يجمع السوريين والأردنيين معاً".