تعزيز العمل اللائق في العراق

العراق عضو في منظمة العمل الدولية منذ عام 1932، وقد صادق على 68 اتفاقية للمنظمة، بينها الاتفاقيات الثمان الأساسية. على الرغم من شتى الإصلاحات والاستراتيجيات الهادفة إلى دعم القوى العاملة في أعقاب حرب العراق عام 2003، لا تزال البلاد تواجه مجموعة من تحديات سوق العمل المرتبطة بوضع البلاد السياسي .والاجتماعي والاقتصادي والأمني

  • فمعدلات الفقر تبلغ نحو 30 في المئة وهي أعلى من ذلك بكثير في المناطق الريفية. وقد أثر تشريد ملايين الأشخاص (نازحين عراقيين ولاجئين من سوريا) سلباً على التوظيف ووسع الاقتصاد غير المنظم.
  • لدى العراق إحدى أدنى نسب التوظيف إلى إجمالي السكان في المنطقة، حتى بين الرجال. وقد أدت أزمة عام 2014 إلى تراجع فرص العمل بنحو 800 ألف فرصة.
  • وتُقدَّر نسبة مشاركة القوى العاملة بنحو 49 في المئة في العراق ككل و40 في المئة في إقليم كردستان العراق. ومشاركة المرأة في القوى العاملة منخفضة بوجه خاص، حيث تقدر بنحو 20 في المئة.
  • ومن بين السكان في سن العمل وعددهم نحو 20 مليون في العراق، هناك 2.5 مليون عاطل عن العمل على الأقل. وقد ارتفع معدل البطالة في إقليم كردستان من 6.5 في المئة قبل اندلاع الصراع بين القوات العراقية والمسلحين الإسلاميين في عام 2013 إلى 14 في المئة في عام 2016، والسبب الأساسي هو تدفق النازحين واللاجئين.
  • إضافة لذلك، يعاني زهاء ربع السكان في سن العمل من البطالة المقنعة، الكلية أو الجزئية. كما أن النساء العراقيات العاملات أكثر عرضة للبطالة، أو البطالة الجزئية أو العمل بدوام جزئي.

العراق ومنظمة العمل الدولية

أعادت منظمة العمل الدولية إطلاق أجندة العمل اللائق في العراق في إطار جهود إعادة الإعمار في عام 2004. وقد اتفقت المنظمة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق على إطار للمساعدة الفنية يركز على خلق فرص عمل عبر تنمية القطاع الخاص، وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي، والحرية النقابية، والحوار الاجتماعي، ووضع سياسة التشغيل الوطنية وتنفيذها، وإجراء دراسات اكتوارية، وتطبيق معايير العمل الدولية، وإصلاح التشريعات.

في آذار (مارس) 2020، افتتحت منظمة العمل الدولية أول مكتب تنسيق قطري لها في العراق، في العاصمة بغداد، استجابة لطلب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وكان الهدف تقديم دعم أفضل للحكومة والعمال وأصحاب العمل في العراق في تعزيز العمل اللائق وزيادة فرص العمل.

يشرف المكتب المذكور على تنفيذ أول برنامج وطني للعمل اللائق في العراق (2023-2019)، ويدعم وكالات الأمم المتحدة الأخرى في المشاريع التي تركز على التنمية في جميع أنحاء العراق.

أول برنامج وطني للعمل اللائق (2019-2023)

في كانون الأول (ديسمبر) 2019، أطلق العراق ومنظمة العمل الدولية أول برنامج وطني للعمل اللائق في البلاد. وتعد هذه البرامج أداة رئيسة في تنفيذ جدول أعمال المنظمة الخاص بالعمل اللائق وتقديم الدعم في مجال السياسات والتعاون المؤسسي والإنمائي للدول الأعضاء.

وُضع البرنامج الوطني للعمل اللائق في العراق 2019-2023، بالتشاور الوثيق مع الحكومة العراقية وممثلي العمال وأصحاب العمل، لضمان اتساقه مع أطر التنمية الوطنية في العراق.

ويركز البرنامج على ثلاثة مجالات ذات أولوية: ضمان أن تدعم تنمية القطاع الخاص إيجاد وظائف جديدة؛ وتوسيع وتعزيز الحماية الاجتماعية ومعالجة عمل الأطفال؛ وتحسين الحوار الاجتماعي لتعزيز الحقوق في العمل.

يضمن الحضور الجديد لمنظمة العمل الدولية في العراق تنفيذ البرنامج بطريقة منسقة على الأرض، مما يجعلها شريكاً رئيساً للحكومة ويقربها من شركائها الاجتماعيين.

خلق فرص العمل وتنمية القطاع الخاص

يعمل البرنامج الوطني للعمل اللائق في العراق على ضمان أن تخلق مشاريع إعادة الإعمار والتعافي فرصاً للعمل اللائق، وتطور المنشآت والمهارات ذات الصلة بالسوق. وتعمل مشاريع ذات صلة على زيادة إمكانات خلق فرص العمل في الشركات الصغرى والصغيرة والمتوسطة في القطاعات ذات الإمكانات العالية وتحسين بيئة عملها، وإنشاء أنظمة معلومات أفضل عن سوق العمل تمكن من وضع سياسات تشغيل مدعمة بالأدلة.

تشمل الإنجازات الرئيسة في هذا المجال حتى الآن إطلاق أول مسح للقوى العاملة على مستوى العراق منذ أكثر من عقد. وستدعم نتائجه وضع سياسات تشغيل وطنية مدعمة بالأدلة. علاوة على ذلك، قادت منظمة العمل الدولية تقييماً سريعاً لأثر كوفيد-19 على سوق العمل في العراق وكذلك دراسة تشخيصية للأنشطة غير المنظمة. وتشمل الإنجازات أيضاً تطبيق نهج منظمة العمل الدولية الرئيسي في الاستثمار في توفير فرص العمل في العراق لدعم إيجاد وظائف لائقة؛ وتحسنت امكانية حصول اللاجئين والنازحين على المهارات وخدمات التوظيف العامة في إقليم كردستان العراق بإنشاء خمسة مراكز توظيف على المستوى الوزاري، مرتبطة بمكاتب فرعية في المخيمات المستهدفة. وقد تحسنت قدرات النساء والشباب والنازحين واللاجئين في مجال ريادة الأعمال عبر برنامج المنظمة "ابدأ وحسِّن مشروعك"، ونموذجه في مجال التثقيف المالي والمساعدة المالية للجميع.

الحماية الاجتماعية وعمل الأطفال

يشمل دعم منظمة العمل الدولية للعراق العمل على الحد من مواطن الضعف عبر توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتعزيزها لسد الفجوات في نطاق تغطيتها وملاءمتها، وضمان حماية كافية لجميع المحتاجين بطريقة منسقة ومجدية اقتصادياً. ويشمل الدعم في هذا المجال أيضاً وضع إطار فعال لضمان تخفيض أعداد الأطفال العراقيين المضطرين إلى العمل.

وفي هذا الصدد، يجري حالياً مراجعة مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي بدعم من منظمة العمل الدولية. وهذه هي الخطوة الأولى في توسيع أنظمة الضمان الاجتماعي ليشمل العاملين في القطاع الخاص، في إطار جهود الإصلاح الشامل للحماية الاجتماعية. كما تدعم المنظمة العراق في إدراج قضايا عمل الأطفال في القوانين واللوائح، وتدعم الحكومة وشركاء العمل الإنساني والتنمية في تنفيذ برامج التصدي لعمل الأطفال.

إدارة سوق العمل والحوار الاجتماعي

من خلال البرنامج الوطني للعمل اللائق، تدعم منظمة العمل الدولية العراق في تعزيز إدارة سوق العمل لتعزيز تطبيق المبادئ والحقوق الأساسية في العمل عبر تحسين آليات الحوار الاجتماعي. ويشمل العمل في هذا الصدد تحسين مساهمة شركاء المنظمة الثلاثة، استناداً إلى مبادئ الحوار الاجتماعي والحرية النقابية. ومن الإنجازات المحققة حتى الآن جمع النقابات العمالية لتنسيق جهود تحقيق العمل اللائق في العراق ودعم تنفيذ البرنامج الوطني للعمل اللائق.

ويشمل دعم المنظمة للعراق أيضاً تحسين فعالية تفتيش العمل وخدمات الصحة والسلامة المهنية في منع واكتشاف عدم الامتثال لمعايير العمل الوطنية والدولية. وفي هذا الصدد، يجري وضع سياسة وطنية بشأن تفتيش العمل والصحة والسلامة المهنية، بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين.

الإنجازات المشتركة السابقة

قبل إطلاق برنامج العمل اللائق في العراق 2019-2023، عملت منظمة العمل الدولية مع شركائها الثلاثة في ​​الحكومة ومنظمات العمال وأصحاب العمل على المستوى المؤسسي لصياغة سياسات تفصيلية وبناء القدرات المؤسسية لتنفيذ برامج العمل اللائق.

دعمت المنظمة أيضاً عملية صياغة قانون العمل العراقي الذي اعتمد على المستوى الوطني في عام 2015. ودعمت أيضاً الهيئات الثلاثية في العراق لتنفيذ سياسة التشغيل الوطنية لعام 2011.

وعلى مستوى الأقاليم، عملت المنظمة بتعاون وثيق مع حكومة إقليم كردستان  لوضع سياسة تشغيل، ومراجعة قانون العمل، ووضع برنامج لإعانات البطالة مصمم حسب الظروف المحلية للإقليم. وعملت أيضاً مع الشباب المحرومين في كردستان العراق  لتمكين نحو 750 شاباً وشابة عبر التدريب المهني السريع، وتوفير برنامج للتوظيف العام، والتدريب على ريادة الأعمال، وتقديم قروض ميسرة لتطوير المنشآت. ولتنمية المهارات الحياتية والمهارات اللازمة للعمل، تساعد المنظمة الحكومة العراقية في وضع استراتيجية وطنية للشباب.

ولمواجهة ارتفاع مستوى بطالة الشباب في العراق، عملت منظمة العمل الدولية مع الشباب على تشجيع ريادة الأعمال وتأسيس منشآت جديدة في البلاد. وفي هذا الإطار، أطلقت المنظمة برنامج "تعرف إلى عالم الأعمال" في إقليم كردستان العراق، والذي يعمل مع الوزارات المختصة وكذلك المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في محافظات الإقليم الثلاث.

وللمساعدة في زيادة فعالية منظمات أصحاب العمل في العراق، قدمت منظمة العمل الدولية عدة خدمات استشارية فنية لهذه المنظمات، مثل تقييم قدرات اتحاد الصناعات العراقي. كما راجعت المنظمة اللوائح الداخلية للاتحاد لتمكينه من وضع أنظمة للإدارة وهياكل مؤسسية. وعملت المنظمة أيضاً على إضفاء الطابع الرسمي على العمل غير المنظم بمراجعة مشروع قانون الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي صاغته هي نفسها في إطار برنامج تنمية القطاع الخاص.

عملت منظمة العمل الدولية مع شركائها الثلاثة في العراق على وضع برنامج تأمين جديد ضد البطالة وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي ليشمل فئات محددة، كعمال البناء. كما عملت المنظمة مع حكومة إقليم كردستان على تعميم البرنامج في كردستان العراق على جميع موظفي القطاع الخاص. علاوة على ذلك، بتطبيقها لمعايير العمل الدولية وأفضل الممارسات، عملت المنظمة أيضاً مع وزارة العمل ومجلس الوزراء العراقي لتسهيل اعتماد تعديلات في لوائح الضمان الاجتماعي لتشمل العمال المؤقتين.