تأثيرنا ... أصواتهم

لجوء الأسر إلى عمل الأطفال كمحاولة منهم للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي سببها كوفيد-19

في ضوء تزايد عدد الأطفال المنخرطين في عمل الأطفال في الزراعة نتيجة لوباء كوفيد-19؛ أصبح القضاء على عمل الأطفال يتطلب التنسيق أكثر من ذي قبل. بناء على ذلك، تواصل منظمة العمل الدولية بالتشاور مع الحكومة المصرية والشركاء الاجتماعيين دعم القضاء على عمل الأطفال في سلاسل توريد القطن.

مقالة تحليلية | ٢٥ يونيو, ٢٠٢٠

الشرقية، جمهورية مصر العربية (أخبار م. ع. د)- الطفل "أحمد"، الذي يبلغ من العمر 13 عامًا، وهو أكبر أخوته، بسبب وباء كوفيد-19 اضطر إلى العمل بنظام اليومية في زراعة القطن. يستيقظ أحمد من نومه باكراً في تمام الساعة السادسة صباحًا للعمل في زراعة القطن لمساعدة أسرته. يحتاج أحمد إلى المال لتلبية احتياجاته؛ حتى يتسنى لوالده تلبية احتياجات أشقائه الأصغر منه. 

إنه ليوم شاق والطفل منهمك في توزيع السماد العضوي تمهيدًا لزراعة الأرض. وهو يتصبب العرق، قال أحمد بصوت جريء ولكن وجهه مليء بالمعاناة: "أنا أساعد أسرتي؛ إنه صعب لأذهب إلى الأرض الزراعية، وازرعها ببذور القطن واسقي البذور". 

تم غلق المدارس ضمن الإجراءات التي طبقتها الدولة المصرية لضمان سلامة الأطفال في مواجهة جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19". وتم استبدال الامتحانات بإعداد مشروعات بحثية أقرتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني المصرية. وفي ظل هذه الظروف غير المسبوقة ومع تعليق الدراسة في المدارس، كان على أحمد أن يبدأ في البحث عن عمل في وظيفة يومية، ولكن في نفس الوقت لم يمنعه العمل من إعداد البحث الخاص به الذي قدم فيه عرضًا عن أهمية مياه النيل في مصر. 

حلم أحمد

خلف الأبواب المغلقة، فقدت عدد من العائلات مصادر رزقها ودخلها، وأصبحت الحياة صعبة، وتم لجوء الأسر إلى البحث عن مسارات مختلفة لكسب الرزق بعد انخفاض دخلهم منذ أن دخلت البلاد في إغلاق تام بسبب كوفيد-19.

طفل عمره 13 سنة من محافظة الشرقية يعمل باليومية في زراعة القطن
 


أحمد لا يعرف أن عمله ممنوع بموجب القانون.
"هذا العمل ليس عيبًا"، هكذا أخبره والده.
بالنسبة لـ "أحمد" فإن عمله في الأرض الزراعية لن يكون عائقًا أمامه في المستقبل كونه يحلم بأن يصبح طبيبًا جراحًا يعالج الفقراء. 

 

الدعم الحكومي للعمال غير المنظمين

اتخذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات، كما قدمت منح ومساعدات لحماية محدودي الدخل المتضررين من جائحة كوفيد-19. حيث استهدفت هذه الإجراءات حماية العمال من خطر البحث عن أي مصدر بديل للدخل.

عمرو عبدالبر (والد أحمد)- بائع متجول

يؤكد "عمرو عبد البر" والد الطفل "أحمد" أنه قد تسلم منحة الـ 1500جنيه المقدمة من وزارة القوى العاملة المصرية- على 3 أشهر- لمساعدة المتعثرين بسبب الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار كوفيد-19 داخل البلاد.




يطغى على براءة الطفل "أحمد" عفوان الشباب الذي يتجلى في قبضة أنامله على "المنجل" لاقتلاع الحشائش من الأرض، أو انحناء ظهره لغرس بذور القطن باعتبارهما السبيل الوحيد المُنجي له ولأسرته في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد بسبب وباء كوفيد-19، علماً بأن هذا يُعد من الأعمال الشاقة والخطيرة على الطفل.

فيحمل الطفل "أحمد" على كاهله أعباء كثيرة، "حزمة حشائش" تفوق طوله ووزنه يقوم باقتلاعها من الأرض وحملها لإطعام الماشية، مرتديًا قناع وجه طبياً وقفازًا من أجل حمايته وأسرته من الإصابة بالفيروس بعدما تسلل إلى قريته وأصاب أفراد منها، وهو ما جعل الدولة المصرية فرضت ارتداء القناع الطبي إجباريًا وحددت غرامة مالية على من يخالف ذلك.
 

عمل الأطفال في مصر

أعربت الحكومة المصرية عن إرادة سياسية قوية في مكافحة عمل الأطفال؛ وذلك بناءً على بعض التقدم المحرز في السنوات الأخيرة والذي يستهدف رفاهة الأطفال وحمايتهم من عمل الأطفال. في عام 2019، أطلقت الحكومة المصرية "خطة العمل الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال ودعم الأسرة في مصر (2018- 2025)".

تحدد "خطة العمل الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال" جداول زمنية محددة وأدوار الجهات الحكومية المعنية بمساعدة الأطفال المنخرطين في عمل الأطفال على الخروج من تلك الدائرة. كما تتماشى الخطة مع رؤية مصر 2030، ومع الدستور المصري، وأهداف التنمية المستدامة؛ الهدف رقم 8.7، واتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى للسن، ورقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال.
 

الانتقال من التخطيط الى التنفيذ
 

وفي ضوء تزايد عدد الأطفال المنخرطين في عمل الأطفال في الزراعة نتيجة لوباء كوفيد-19، ونظرًا لأن مساعدة البلدان في القضاء على عمل الأطفال هي إحدى المهام الأساسية لمنظمة العمل الدولية، وهو ما يتطلب تنسيق أكثر من ذي قبل يتمحور حول حماية صحة ووظائف ودخل العاملين وأسرهم، مع ضمان التعليم المستمر لجميع الأطفال في نفس الوقت. فإن منظمة العمل الدولية تدعم الحكومة المصرية في تنفيذ خطة العمل الوطنية من خلال المشروع الإقليمي الممول من قبل الحكومة الهولندية "الإسراع بالقضاء على عمل الأطفال في سلاسل التوريد في أفريقيا (ACCEL AFRICA). حيث يتناول المشروع في مصر عمل الأطفال في سلاسل توريد القطن التي يعمل بها تاريخياً آلاف الأطفال كل عام.

ومن جانبه، أعرب والد الطفل "أحمد" عن تقديره لجهود منظمة العمل الدولية بالتنسيق مع الحكومة المصرية لرفع وعي الأسرة والمجتمع بتداعيات جائحة فيروس كورونا والمخاطر والآثار الناتجة عن عمل الأطفال.

علاوة على ذلك، يعمل المشروع على دعم تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية المتاحة وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وبرامج الدعم النقدي المشروط، فضلاً عن إمكانية الوصول إلى المدارس المجتمعية، ومراكز الطفل العامل، وتسهيل خدمات إعادة التأهيل. كما يوثق المشروع بعناية تأثير كوفيد-19 على الأطفال وعمل الأطفال في زراعة القطن من خلال التقييمات والدراسات حول أفضل السبل لتوجيه أنشطة المشروع نحو دعم القضاء على عمل الأطفال ودعم أسر الأطفال العاملين بشكل أكثر استدامة.